وَاحِد إِلَى أَن ملك طيطوس الرُّومِي وَكَانَ مَحل ملكه مَدِينَة روميا من بِلَاد الإفرنج فَفِي السّنة الأولى من ملكه قصد بَيت الْمُقَدّس وأوقع باليهود وقتلهم وأسرهم عَن أخرهم إِلَّا من اختفى وَخرب بَيت الْمُقَدّس ونهبه واحرق الهيكل وأحرق كتبهمْ وأخلى الْقُدس من بني إِسْرَائِيل (كَأَن لم تغن بالْأَمْس) وَلم يعد لَهُم بعد ذَلِك رياسة وَلَا حكم وَكَانَ ذَلِك بعد رفع الْمَسِيح بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ سنة كَمَا تقدم وَهِي لمضي ثَلَاثمِائَة وست وَسبعين سنة من غَلَبَة الاسكندر وثلاثمائة وَإِحْدَى عشرَة سنة مَضَت لابتداءملك بخت نصر وَهَذِه الْمرة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فَقَالَ (فَإِذا جَاءَ وعد الْآخِرَة من إفسادكم) وَذَلِكَ قصدهم قتل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين رفع وقتلهم يحيى " ع " فَسلط الله عَلَيْهِم الْفرس وَالروم وخردوش وطيطوس حَتَّى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عَن دِيَارهمْ فَذَلِك قَوْله تَعَالَى (ليسوؤا وُجُوهكُم - بِإِدْخَال الْهم وَالْغَم والحزن - وليدخلوا الْمَسْجِد كَمَا دَخَلُوهُ أول مرّة وليتبروا مَا علوا تتبيرا عس ربكُم أَن يَرْحَمكُمْ) بعد انتقامه مِنْكُم فَيرد الدولة إِلَيْكُم وَإِن عدتم إِلَيّ الْمعْصِيَة عدنا إِلَى الْعقُوبَة قَالَ قَتَادَة فعادوا فَبعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فهم يُعْطون الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون وَبَين هَذَا التخريب الثَّانِي وَالْهجْرَة خَمْسمِائَة وثمان وَخَمْسُونَ سنة بالتقريب وَقد مضى من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة إِلَى عصرنا هَذَا تِسْعمائَة سنة فَيكون الْمَاضِي من خراب بَيت الْمُقَدّس الثَّانِي إِلَى آخر سنّ تِسْعمائَة من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة وثماني وَخمسين سنة بالتقريب وَهُوَ تَارِيخ تشَتت الْيَهُود فِي الْبِلَاد وَالله سُبْحَانَهُ وتعال أعلم