الْبر وَالْبَحْر ورجوماً للشياطين فتباركت اللَّهُمَّ فِي مفطور سماواتك وَفِيمَا دحيت من الأَرْض ودحوتها على المَاء فأذللت لَهَا المَاء الطَّاهِر فذل لطاعتك وأذعن لأمرك وخضع لقوتك أمواج الْبحار ففجرت فِيهَا بعد الْبحار الْأَنْهَار وَبعد الْأَنْهَار الْعُيُون الغزار والينابيع ثمَّ أخرجت مِنْهَا الْأَشْجَار بالثمار ثمَّ جعلت عل ظهرهَا الْجبَال أوتاداً فأطاعتك أطوادها فتباركت اللَّهُمَّ صفاتك وَمن يبلغ صفة قدرتك وَمن ينعَت بنعتك وتنشئ السَّحَاب وَتَفُك الرّقاب وتقضي الْحق وَأَنت خير الفاصلين لَا إِلَه إِلَّا أَنْت إِنَّمَا يخشاك من عِبَادك الْعلمَاء واشهد أَنَّك لست بإله استحدثناك وَلَا رب لنا سواك نذكرهُ وَلَا كَانَ لَك شُرَكَاء يقضون مَعَك فندعوهم وَنَدَعك وَلَا أعانك أحد على خلقك فنشك فِيك أشهد إِنَّك أحد صَمد لم تَلد وَلم تولد وَلم يكن لَك كفوا أحد وَلم تتَّخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا اجْعَل لي من أَمْرِي فرجا ومخرجاً فَلَمَّا أتم دعاءه رَفعه الله إِلَيْهِ وَلما مَاتَت أمه مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام دفنت بالكنيسة الْمَعْرُوفَة بالجيسمانية خَارج بَاب الأسباط فِي ذبل جبل طور زيتا وَهُوَ مَكَان مَشْهُور يَقْصِدهُ النَّاس للزيارة من الْمُسلمين وَالنَّصَارَى وَاسْتمرّ بَيت الْمُقَدّس عَامِرًا بعد رفع عِيسَى أَرْبَعِينَ سنة فَيكون لبثه على عِمَارَته الثَّانِيَة الَّتِي عمرها كورش سَبْعمِائة وَإِحْدَى وَعشْرين سنة وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم (ذكر خراب بَيت الْمُقَدّس الخراب الثَّانِي وهلاك الْيَهُود) (وَزَوَال دولتهم زوالا لَا رُجُوع بعده) لما جر مَا تقدم شَرحه من رفع الْمَسِيح إِلَى السَّمَاء اسْتمرّ بَيت الْمُقَدّس عَامِرًا بعده أَرْبَعِينَ سنة وتول عل بني إِسْرَائِيل جمَاعَة من الْمُلُوك وَاحِدًا بعد