(ذكر عمَارَة بَيت الْمُقَدّس الشريف الْمرة الثَّالِثَة) لما جرى مَا ذكر من تخريب طيطوس بَيت الْمُقَدّس وَمَا فعله فِي الْيَهُود تراجع إِلَى الْعِمَارَة قَلِيلا قَلِيلا وترمم شعثه وَاسْتمرّ عَامِرًا سَارَتْ هيلانة أم قسطنطين المظفر إِلَى الْقُدس وَابْنهَا قسطنطين كَانَ ملكا فِي رُومِية ثمَّ انْتقل مِنْهَا إِلَى قسطنطينية وبن سورها وَتَنصر وَكَانَ اسْمهَا البرنطية فسماها الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَزَعَمت النَّصَارَى إِنَّه بعد سِتّ سِنِين خلت من ملكه ظهر لَهُ من السَّمَاء شبه الصَّلِيب فَأمر بالنصرانية وَكَانَ قبل ذَلِك هُوَ وَمن تقدمه عل دين الصائبة يعْبدُونَ أصناماً على أَسمَاء الْكَوَاكِب السَّبْعَة ولمضي عشْرين سنة من ملك قسطنطين الْمَذْكُور اجْتمع أَلفَانِ وَثَمَانمِائَة وَأَرْبَعُونَ اسقفاً ثمَّ اخْتَار مِنْهُم ثَلَاثمِائَة وَثَمَانِية عشر أسقفاً فحرموا أرينوس الإسكندري لكَونه يَقُول أَن الْمَسِيح كَانَ مخلوقاً واتفقت الأساقفة المذكورون لَدَى قسطنطين وَوَضَعُوا شرائع النَّصْرَانِيَّة بعد أَن لم تكن وَكَانَ رَئِيس هَذِه البطارقة بطرِيق الْإسْكَنْدَريَّة وَمن هُنَا كَانَ أصل النَّصْرَانِيَّة فِي الرّوم وَكَانَ قبل ذَلِك فِي سنة إِحْدَى عشرَة خلت من ملكه سَارَتْ أمه هيلانة - الْمُتَقَدّم ذكرهَا - إِلَى الْقُدس فِي طلب خشبه الْمَسِيح الَّتِي نزعم النَّصَارَى أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام صلب عَلَيْهَا وَلما وصلت إِلَى الْقُدس أخرجت خشبه الصَّلِيب وأقامت لذَلِك عيد الصَّلِيب وَبنت كَنِيسَة قمامة عل قبر الَّذِي تزْعم النَّصَارَى إِن عيس دفن فِيهِ وَبنت الْمَكَان الْمُقَابل للقمامة الْمَعْرُوف يَوْمئِذٍ بالدركاه وكنيسة بَيت لحم والكنيسة بطور زيتا بمصعد سيدنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وكنيسة الجيسمانية الَّتِي بهَا قبر مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام وَغير ذَلِك وَخَربَتْ هيكل بَيت الْمُقَدّس إِلَى الأَرْض وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْمَسْجِد وَأمرت أَن يلقِي فِي مَوْضِعه قمامات الْبَلَد وزبالته فَصَارَ مَوضِع الصَّخْرَة الشَّرِيفَة مزبلة