الانس الجليل (صفحة 163)

سُلَيْمَان فَقَالَ مَا كَانَ أحلمك فِي صغرك وأورعك فِي صغرك وأفضلك فِي صغرك وأبعدك من كل مَا يكره فِي صغرك ثمَّ انْصَرف فَوجدَ سُلَيْمَان فِي نَفسه من ذَلِك حَتَّى امْتَلَأَ غيظاً فَلَمَّا دخل سُلَيْمَان دَاره أرسل إِلَيْهِ فَقَالَ يَا آصف ذكرت من مضى من الْأَنْبِيَاء الله تَعَالَى وأثنيت عَلَيْهِم خيرا فِي زمانهم وَفِي كل حَال من أُمُورهم فَلَمَّا أَن ذَكرتني جعلت تثني عَليّ بِخَير فِي صغري وَسكت عَن مَا سوى ذَلِك فِي أَمْرِي فِي كبري فَمَا الَّذِي أحدثت فِي خر أَمْرِي؟ فَقَالَ لَهُ إِن غير اهلل يعبد فِي دَارك مُدَّة أَرْبَعِينَ صباحاً فِي هوى امْرَأَة فَقَالَ سُلَيْمَان فِي دَاري؟ قَالَ فِي دَارك قَالَ سُلَيْمَان أَنا لله وَأَنا إِلَيْهِ رَاجِعُون لقد عرفت إِنَّك مَا قلت الَّذِي قلت إِلَّا عَن شَيْء بلغك ثمَّ رَجَعَ سُلَيْمَان إِلَى دَاره وَكسر ذَلِك الصَّنَم وعاقب تِلْكَ الْمَرْأَة وولائدها ثمَّ أَمر بِثِيَاب الطهرة فَأتي بهَا - وَهِي ثِيَاب لَا يغزلها إِلَّا الْبَنَات الْأَبْكَار وَلَا يَمَسهَا امْرَأَة قد رَأَتْ الدَّم وَلَا ينسجها إِلَّا الْبَنَات الْأَبْكَار وَلَا يغسلهَا إِلَّا الْأَبْكَار - فلبسها ثمَّ خرج إِلَى فلاة من الأَرْض وَحده وَأمر برماد ففرش لَهُ ثمَّ أقبل تَائِبًا إِلَى الله تَعَالَى حَتَّى جلس على ذَلِك الرماد وتمعك فِيهِ بثيابه تذللا لله تَعَالَى وتضرعاً إِلَيْهِ وَجعل يبكي وَيَدْعُو ويستغفر مِمَّا كَانَ فيداره فَلم يزل كَذَلِك يَوْمه حَتَّى أَمْسَى ثمَّ رَجَعَ إِلَى دَاره وَكَانَت لَهُ أم ولد تسمى الأمينة كَانَ إِذا دخل مذْهبه أَو أَرَادَ إِصَابَة امْرَأَة من نِسَائِهِ وضع خَاتمه عِنْدهَا ثمَّ دخل حَتَّى يتَطَهَّر وَكَانَ لَا يلبس خَاتمه إِلَّا طَاهِرا وَكَانَ ملكه فِي خَاتمه فَوَضعه يَوْمًا عِنْدهَا ثمَّ دخل إِلَى مذْهبه فَأَتَاهَا الشَّيْطَان صَاحب الْبَحْر وَكَانَ اسْمه صَخْر عل صُورَة سُلَيْمَان لم تنكر مِنْهُ شَيْئا فَقَالَ خَاتمِي يَا امينه فناولته إِيَّاه فَجعله فِي يَده ثمَّ خرج حَتَّى جلس عل سَرِير سُلَيْمَان فعكف عَلَيْهِ الطير وَالْجِنّ والأنس فَخرج سُلَيْمَان وأتى الأمينة وَقد تَغَيَّرت حَالَته وهيئته عِنْد كل من يرَاهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015