الانس الجليل (صفحة 162)

منزلَة عَظِيمَة عِنْده فَكَانَت لَا يذهب حزنها وَلَا يرقأ دمعها فشق ذَلِك على سُلَيْمَان فَقَالَ لَهَا وَيلك مَا هَذَا الْحزن الَّذِي لم يذهب والدمع الَّذِي لَا يرقأ؟ قَالَت إِنِّي أذكر أبي وأذكر ملكه وَمَا كَانَ فِيهِ وَمَا أَصَابَهُ فيجزيني ذَلِك قَالَ سُلَيْمَان قد أَبَد لَك الله ملكا هُوَ أعظم من ملك أَبِيك وسلطاناً هُوَ كَذَلِك وَلَكِنِّي إِذا تَذكرته أصابني مَا ترى من الْحزن فَلَو إِنَّك أمرت الشَّيَاطِين فيصوروا صورته فِي دَاري الَّتِي أَنا فِيهَا فأراها بكرَة وَعَشِيَّة لرجوت أَن يذهب ذَلِك حزني وَأَن يسلبني بعض مَا أجد فِي نَفسِي فَأمر سُلَيْمَان الشَّيَاطِين أَن يمثلوا لَهَا صُورَة أَبِيهَا فِي دارها حَتَّى لَا تنكر مِنْهُ شَيْئا فمثلوها حَتَّى نظرت إِلَى أَبِيهَا بِعَيْنِه إِلَّا إِنَّه لَا روح فِيهِ فعمدت إِلَيْهِ حِين وضعوه فأزرته وقمصته وعممته وردته بِمثل ثِيَابه الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ فِي حَال حَيَاته ثمَّ إِنَّهَا كَانَت إِذا خرج سُلَيْمَان من دارها تَغْدُو إِلَيْهِ فِي ولائدها وَمن يلوذبها ثمَّ تسْجد لَهُ ويسجدون لَهُ كَمَا كَانَت تصنع لَهُ فِي ملكه واستمرت تفعل ذَلِك بكرَة وَعَشِيَّة وَسليمَان لَا يعلم بشيءمن ذَلِك مُدَّة أَرْبَعِينَ صباحاً فَبلغ ذَلِك آصف ابْن برخيا - وَكَانَ صديقا وَكَانَ لَا يرد عَن أَبْوَاب سُلَيْمَان وَأي سَاعَة أَرَادَ أَن يدْخل دَار سُلَيْمَان دخل حَاضرا كَانَ سُلَيْمَان أَو غَائِبا - فَأتى سُلَيْمَان وَقَالَ لَهُ يَا نَبِي الله كبر سني ورق عظمي وَنفذ عمري وَقد حَان مني ذَهَابه وَقد أَحْبَبْت أَن أقوم مقَاما قبل الْمَوْت أذكر فِيهِ من مضى من أَنْبيَاء الله تَعَالَى واثني عَلَيْهِم بعلمي فيهم وَأعلم النَّاس بعض مَا كَانُوا يجهلون من كثير أُمُورهم فَقَالَ سُلَيْمَان افْعَل فَجمع لَهُ سُلَيْمَان النَّاس فَقَامَ فيهم خَطِيبًا فَحَمدَ الله تعال وَذكر من مضى من أَنْبيَاء الله تَعَالَى أثنى على كل نَبِي بِمَا فِيهِ وَذكر مَا فَضله الله بِهِ حَتَّى انْتهى إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015