وَاسْمهَا عِنْد الْيَهُود رامة ومسافتها عَن بَيت الْمُقَدّس تقرب من ربع بريد فعمارة دَاوُد وَسليمَان عَلَيْهِمَا السَّلَام لمدين الْقُدس إِنَّمَا هِيَ تَجْدِيد الْبناء الْقَدِيم وَتقدم فِي أول الْكتاب ذكر أول من بنى الْمَدِينَة وعمرها واختطها وَإنَّهُ سَام ابْن نوح عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانَ مَحل الْمَسْجِد بَين عمرَان الْمَدِين وَهُوَ صَعِيد وَاحِد والصخرة الشريف قَائِمَة فِي وَسطه حَتَّى بناه دَاوُد ثمَّ سُلَيْمَان عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانَ من خبر ذَلِك مَا رُوِيَ أَن الله عز وَجل لما أوحى إِلَى سُلَيْمَان " ع " أَن ابْن بَيت الْمُقَدّس جمع حكماء الْإِنْس وَالْجِنّ وعفاريت الأَرْض وَعُظَمَاء الشَّيَاطِين وَجعل مِنْهُم فريقاً يبنون وفريقاً يقطعون الصخور والعمد مِمَّن معادن الرخام وفريقاً يغوصون فِي الْبَحْر فَيخْرجُونَ مِنْهُ الدّرّ والمرجان وَكَانَ الدّرّ مَا هُوَ مثل بيض النعام وبيضة الدَّجَاج وَأخذ فِي بِنَاء بَيت الْمُقَدّس وَأمر بِبِنَاء الْمَدِينَة بالرخام والصفاح وَجعلهَا اثْنَي عشر ربضاً وَأنزل كل ربض مِنْهَا سبطاً من الأسباط وَكَانُوا اثْنَي عشر سبطاً فَلَمَّا فرغ من بِنَاء الْمَدِين ابْتَدَأَ فِي بِنَاء الْمَسْجِد فَلم يثبت الْبناء فَأمر بهدمه ثمَّ حفر الأَرْض حَتَّى بلغ المَاء فأسسه عل المَاء وألقوا فِيهِ الْحِجَارَة فَكَانَ المَاء يلفظها فَدَعَا سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام الْحُكَمَاء الْأَحْبَار وَرَئِيسهمْ آصف بن برخيا واستشارهم فَقَالُوا إِنَّا نرى أَن نتَّخذ قلالا من نُحَاس ثمَّ نملأها حِجَارَة ثمَّ نكتب عَلَيْهَا الْكتاب الَّذِي فِي خاتمك ثمَّ نلقي القلال فِي المَاء وَكَانَ الْكتاب الَّذِي على الْخَاتم لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله فَفَعَلُوا فثبتت القلال فَألْقوا الْمُؤَن وَالْحِجَارَة عَلَيْهَا وَبني حَتَّى ارْتَفع بِنَاؤُه وَفرق الشَّيَاطِين فِي أَنْوَاع الْعَمَل فدأبوا فِي عمله وَجعل فرقة مِنْهُم يقطعون معادن الْيَاقُوت والزمرد ويأتون بأنواع الْجَوَاهِر وَجعل الشَّيَاطِين صفا مرصوصاً من معادن الرخام إِلَى الْحَائِط الْمَسْجِد فَإِذا قطعُوا من الْمَعَادِن حجرا أَو اسطوانة تَلقاهُ الأول مِنْهُم ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَيُلْقِيه بَعضهم إِلَى بعض حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الْمَسْجِد وَجعل فرقة لقطع الرخام الْأَبْيَض الَّذِي مِنْهُ مَا هُوَ مثل بَيَاض اللَّبن بمعدن يُقَال لَهُ السامور