ليتَ الزمانُ أصابَ حُب قلوبهم ... بفتى بن عبدِ الله أو بحرابِهِ

بسلاحِ معتقل السلاحِ وإنما ... يعتل بينَ طِعَانِهِ وضِرَابِهِ

وقد عُلم أيضا أن الشاعرَ لم يقصد بما شرعَ فيه إلى وصفِ سلاح ابن

عبد الله واعتلاله، وما لأجله يعتل من الضربِ والطعن، وإنما قصدَ إلى ذم

الوُشاةِ وما حاولوه من الأمور الموجبة للضرر والقطعية، وإن كان قد خرجَ

بينَ ذلك إلى الدعاء عليهم بقتالِ ابنِ عبدِ الله وحرابِه وبعثِ السلاح، وما لم

يبتدىء بالكلام لأجله، فأما الالتفاتُ في الكلام الذي هو خروج من معنى

كان فيه إلى معنى آخر ما على أن يعودَ إليه بعد ذكرِ ما يعرضُ ونعته، أو بأن

يُضربَ عنه جملة، فإنّه كثير في كتابِ الله وفي كلام العرب وشعرِ الفصحاء.

وأظهرُ من أن يُحتاجَ معه إلى إغراق، قال الله تعالى: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) ، فعدلَ عن خطابِ الحاضرِ إلى ما هو كناية

عن الغائب، وسواء كتى عن الحاضر الذي ابتدأ بخطابِه أو غيرِ الحاضرِ فقد

خرج، وقال الله تعالى: (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) ، ثم قال: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا) ، وذلك كثير.

وقال جرير في هذا المعنى:

متى كان الخيامُ بذي طُلوعِ ... سقيتِ الغيثَ أيتُها الخيامُ

أننسى يومَ تصقُلُ عارِضَيْها ب ... قرعِ بَشامةٍ سُقِيَ البَشام

ولو لم يخرج من معنىَ إلى غيره لكان من حقه أن يقول: متى كان

الخيام بذي طلوع أيتها الخيام، لأن هذا هو تمامُ ما ابتدأ به من الكلام فقط.

فأمَّا الدعاءُ للخيامِ بسقي الغيث، ووصفُ عارضي صاحبَتِه وفَرْعها، فليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015