إن كنتِ كاذبة التي حديثني ... فنجوت منجا الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل عنهم ... ونجا برأس طميرة ولجام
وقد عُلم أن حسان لم يقصد بابتداء الكلام والتحذير من الكذب في الحديث إلى ذكر هرب الحارث بن هشام وفشله وتعييره به، وإنما قصد شيئا غير ذلك، وإن كان قد أدخله في كلامه، وخرج به عما ابتدأ الكلام لأجله.
وقال أبو تمام الطائي:
صُبَّ الفِراقُ علينا صُبَّ من كثبٍ ... عليه إسحاقُ بعدَ الروعِ منتقماً
وقد عرف أيضا كل سامع لهذا الشعر أن الشاعر لم يقصد بابتداء الكلام الإخبار عن انتقام إسحاق ممن انتقم منه بعد ترويعه، وإنما قصد الإخبار عن صفة الفراق وشدته فقط، ثم خرج إلى الدعاء عليه بانتقام إسحاق، فخرج من معنى إلى غيره.
وقال البحتري في صفة فرس كريم سهل الأخلاق:
سهلٌ مواردُه ولو أورَدته ... يوما خلائقَ حمدَويه الأحولِ
وقد علم أن البحتري لم يقصد في هذا الكلام وصفه خلائق حمدويه وشجيته، وإنما قصد غير ذلك، ثم عاد إلى ذكره.
وقال سريُّ الرفا:
نزعَ الوشاةُ لهم بسهمِ قطيعةِ ... يَرمي بسهمِ البينَ مَن يرمي به