يقال لهم: إن ذِكرَه للمؤمنين وإعلامَه إيَّاهُم ما أعده لأهلِ الكفرِ من
عذاب السعيرِ ووصفه لجهنم وشواظها وشرِّها نعمة له على المؤمنينَ الذين
عَلمَ أنهم ينتفعون بهذا الوعظ والتحذير، وأنّهم ينهونَ بذلك عنه ويعرفونَ
مرادَهُ ويخافون سطوتَهُ وعقابَهُ ويرجونَ رحمتَهُ وثوابَه، لأن ذلك لطفاَ وداعٍ
إلى الطاعةِ وحُسنِ الانقياد لله المفضي لهم إلى الخلودِ في العيش السليمِ
والنعيمِ الدائم المقيمِ فذكرُ الوعيدِ للمؤمنين ووصفُ جهنَّم وحرَّها وشدةِ
نكالها من أعظمِ النعمِ على المؤمنين من الجن والإنس، وإذا كان ذلك
كذلك صحَّ ما قلناه واضمَحلَّ ما تعلقوا به.
فأمَّا قولُه تعالى: (يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ) .
فليس بتكرار، لأنه قيل إنَّ السرَّ ما أسرَّوه في أنفسهم، والنجوى ما أبدوهُ وتناجَوا به بينَهم، ولو كان السرّ هو النّجوى لجازَ أن يذكرُه مكررا بلفظينِ معناهما واحد، كما يقول القائل: آمركَ ببرِ والديكَ وأنهاكَ عن عقوقهم، وآمركَ بالوفاء وأنهاك عن الغدر، ومعنى اللفظين واحد، ولا تعلُّق لهم في هذا أيضًا.
وهذه جمل تكشفُ عن نقضِ ما ذكرناه من مطاعنهم في كتاب الله عز وجل من جهةِ اللغة، وننبِّهُ على طريقِ الجواب عما أضربنا عن ذكره إن شاء الله تعالى.
تم الكتاب بحمد الله تعالى ومنته.
وفرَغ منه كاتِبُه حامدًا الله تعالى ومصلِّيا على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وآلهِ وصحابته وحسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيل.