وقال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر خلاف الحسن لأئمة الفتوى: "وهو قول شذ به عن أهل العلم وخالف به السنة فلا يُعرَّج عليه"1.
هذا ما أورده أهل العلم على هذا القول الشاذ وعلى فرض التسليم بثبوته فالاستدلال له بما يأتي:
1 ـ ما روي عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر بن أبي طالب قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " تسلبي2 ثلاثا ثم اصنعي ما شئت" 3. أخرجه أحمد.
2 ـ عن أسماء بنت عميس أنها استأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تحدّ على جعفر وهي امرأته فأذن لها ثلاثة أيام ثم بعث إليها بعد ثلاثة أيام أن تطهري واكتحلي4.
فهذا دليل على عدم وجوب الإحداد على المعتدة من الوفاة أكثر من ثلاثة أيام وهو نص في محل النزاع والجواب عن هذا الاستدلال من وجوه:
الوجه الأول: أنه شاذ لا يحتج به ولا يصلح عمدة لإثبات الأحكام، قال ابن المنذر مجيبا عن ذلك: "وقد دفع أهل العلم هذا الحديث بوجوه، وكان أحمد بن حنبل يقول: "هذا شاذ ولا يؤخذ به" وقاله إسحاق5.
الوجه الثاني: أنّ هذا الحديث مخالف للأحاديث الأخرى الصحيحة ولعلها لم تبلغ القائلين بهذا القول إذ إنها لو بلغتهم لم يسعهم إلا التسليم؛ لأنه لا يصح لمسلم كائنا من كان يبلغه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دالُّ على حكم من الأحكام إلا القبول والتسليم قال ابن المنذر: بعد عرض المسألة وما فيها من خلاف: "كان الحسن البصري من بين سائر أهل العلم لا يرى الإحداد، وقد رُدَّ قول الحسن بأن الأخبار قد ثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بوجوب الحداد وليس لأحد بلغَته إلا التسليم، ولعل الحسن لم تبلغه أو بلغته فتأولها بحديث أسماء بنت عميس6 الآنف الذكر.