...
الإمداد بأحكام الحداد
للدكتور فيحان شالي المطيري أستاذ مساعد بكلية الشريعة
ـ 1 ـ
الحمد لله الكريم المنّان المتفرد بصفات الكمال والجلال وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي المتعال وأصلّي وأسلّم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله أكرم من مشى على وجه الأرض وتحت أديم السماء.
أما بعد: فقد كرم الله ابن آدم وميز بينه وبين سائر الحيوانات بنعمة العقل التي يفرق بها بين الخير والشر, والضار والنافع, فالإنسان يفكر ويتفكر ويأخذ ويعطي على حسب ما يراه من المصلحة, ونتيجة لهذا العقل فهو يتفاعل مع المجتمع, ويقيم الروابط بينه وبين الآخرين, ومن أهم هذه الروابط وأجلها رابطة الزوجية التي قال عنها القرآن الكريم: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة} (الروم:21) . فأيّ نعمة أعظم من هذه النعمة؟. التي تكون بين الزوجين بسبب الرابطة الزوجية ولهذا فإن الشارع الحكيم جعل لكل منهما حقوقا على صاحبه؛ فالزوجة لها حقوق على الزوج عظيمة لا يسمح له الشرع بالإخلال بشيء منها والانتقاص منها, وكذلك الزوج له حقوق عظيمة على زوجته لم يجعل الشارع سبيلا للزوجة كي تعبث بها, وهي لا تستحق الإكرام إلا إذا قامت بهذه الحقوق خير قيام, وهذا كله دليل على سماحة الشريعة الإسلامية وحرصها على جمع الكلمة وتقوية الروابط الفردية والاجتماعية وتأسيس الحياة الزوجية على أساس قوي يكتب له البقاء ردحاً من الزمن, وفي هذا سعادة المجتمع وسعادة الفرد, ولهذا وغيره من الأسباب أوجب الله الحداد على المرأة في حق زوجها المتوفى إظهاراً لحق الزوج ووفاءً بالعهد الذي كان بينهما على حد قوله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} . (البقرة: 237) .
نعم إنّ الفضل لا ينسى بين المسلمين وإنما يذكر أصحاب الفضل بالفضل, فالزوجة لا تنسى فضل زوجها وما كان بينهما من المحبة والمودة والعشرة الطيبة, فمن الوفاء كل الوفاء القيام بحقه حياً وميتاً.