، ... "، وهذه الغرائب مذمومة عند السلف، قال إبراهيم النخعي: "كانوا يكرهون الغريب من الحديث " (?)،وقال الإمام مالك بن أنس:"شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس " (?)، وقال عبد الرزاق:"كنا نرى أن غريب الحديث خير فإذا هو شر " (?).
فإذا كانت هذه الغرائب مخالفة لروايات الثقات استنكرها النقاد، وعدوه وهما منه هذا الوهم، أو الخطأ إذا غلب على روايات الراوي سمي " منكر الحديث، يروي المناكير، له مناكير ... "، فليس إطلاق النكارة على أفراد الثقات بمستقيم كما نص عليه بعض المتأخرين، بل يطلقها المتقدمون على مخالفات الثقات، وأوهامهم أو أخطائهم، وعلى تفرد الضعيف بما لا يتابع عليه، ومن ذلك قول الإمام ابن المديني:" وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب، ومنكرة: جعل ثابت عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كذا شيء ذكره، وإنما هذا حديث أبان بن أبي عياش عن أنس وعن ثابت في قصة حبيب قال حدثنا عبدالرزاق عن معمر لم يروه عن ثابت غيره " (?).
فمثّل للمنكر:" جعل ثابت عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كذا شيء ذكره، وإنما هذا حديث أبان بن أبي عياش عن أنس ".
ومثّل للغريب: " وعن ثابت في قصة حبيب قال حدثنا عبدالرزاق عن معمر لم يروه عن ثابت غيره ".
ومنه: قول ابن عدي: " وللحسين بن عيسى غير ما ذكرت من الحديث شيء قليل وعامة حديثه غرائب وفي بعض حديثه مناكير " (?).
وإطلاق هذا اللفظ يكون وفق معطيات راسخة في ذهن الناقد، ليس بمقدور كل أحد أن يفهمها، وخاصة إذا لم يبين الناقد منهجه فيها، وهي تختلف من ناقد إلى آخر، ورغم هذا الاختلاف في إطلاق الألفاظ إلا أنهم متقاربون في مرتبة هذا الراوي، فالأول يقول: منكر الحديث، والثاني يقول: يروي المناكير، والثالث يقول: " عامة ما يروي منكر " وإذا تقصيت حال الرجل تجده متروك الحديث، وهذه هي مرتبة الرجل وهو قول الناقد الرابع فيه!.