النعمان بن راشد: قال أحمد: " روى أحاديث مناكير "، وضعفه ابن معين وأبو داود والنسائي، وقال البخاري وأبو حاتم: " في حديثه وهم كثير، وهو في الأصل صدوق "، وروى له مسلم" (?).
ثم عدّ الباحث قولهم:" عامة حديثه مناكير " من الألفاظ المصرحة بلفظ النكارة، الدالة على غلبة المناكير على حديث الراوي ومثل لها بمثال.
ومن يتأمل في كلام أئمة الجرح والتعديل يجد خلاف ما قال؟ فمثلا: سوى أبن عدي بين اللفظتين إذ قال في ترجمة جعفر بن جسر القصاب:" ولجعفر بن جسر " أحاديث مناكير" غير ما ذكرت ولم أر للمتكلمين في الرجال فيه قولا ولا أدري كيف غفلوا عنه لأن " عامة ما يرويه منكر" وقد ذكرته لما أنكرت من الأسانيد والمتون التي يرويها " (?)،فلم يفرق بين: " أحاديث مناكير "وبين " عامة ما يرويه منكر".
والذي أريد قوله: أن هذه العبارات الاصطلاحية هي نسبية، يطلقها المجرّح نتيجة لقرائن بدت له، ومن مجموعها أصدر هذا الحكم، وهذه الألفاظ وصفية، أي ليست مرتبة حديثية مستقلة، أطلقها النقاد على تفردات الرواة بما لم يحفظ عندهم، ولما كان الوهم والخطأ من فطرة البشر، فهو أيضا يشمل رواة الأحاديث، بل بالكاد تجد راويا سلم من الوهم، حتى جهابذة العلل، يقول عبد الرحمن بن أبي حاتم: " سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شعبة عن منصور عن الفيض بن أبي حثمة عن أبي ذر أنه كان إذا خرج من الخلاء قال: " الحمد لله الذي عافاني واذهب عني الأذى "؟ فقال أبو زرعة: وهم شعبة في هذا الحديث ورواه الثوري فقال عن منصور عن أبي علي عبيد بن علي عن أبي ذر وهذا الصحيح وكان اكثر وهم شعبة في أسماء الرجال، وقال أبي كذا قال سفيان، وكذا قال شعبة والله اعلم أيهما الصحيح، والثوري احفظ وشعبة ربما أخطأ في أسماء الرجال ولا يدري هذا منه أم لا؟ " (?).
فهذا أمير المؤمنين في الحديث قد يهم! فما بالك بغيره؟ وهذا الوهم نسبي لا يقاس أمام حفظ وإتقان وضبط شعبة بن الحجاج، وحسبه شرفا أن تحسب الأحاديث التي أخطأ بها، وهي قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة!
قلت: فالراوي كلما وافقت روايته رواية الثقات، ولم تكد تخالف كان إلى الضبط أقرب، وكلما جاءك بالغرائب، والمنفردات كان إلى الوهم أقرب، وأطلق عليه: " يروي الغرائب، له غرائب