وأما أطبختهم فالحوامض منها والسواذج هي المعهودة أو قريبة من المعهودة، وأما المُحلّيات فغريبة وذلك أنهم يتخذون الدجاج بأصناف من الحلويات، وسبيل ذلك
أن تسلق الدجاج ثم ترمى في الجلاب ويلقى عليه بندق مدقوق أو فستق أو خشخاش أو بزر رجلة أو ورد ويطبخ حتى ينعقد ثم يتبل ويرفع، وتسمى هذه الأطبخة بالفستقية والبندقية والخشخشية والوردية وست المنوية للتي تعقد ببزر الرجلة لسوادها ويتفنّنون في ذلك تفنناً يحتاج إلى شرح أكثر من هذا.
أما الحلويات المتخذة من السكر، فأصناف كثيرة، يؤدي استقصاؤها إلى الخروج عن الغرض ويحوج إلى وضع كتاب مُفرد، وقد يُتخذ منها ما يصلح لمداواة الأمراض ولأرباب الحمية من المرضى والناقهين إذا تاقت أنفسهم إلى الحلوى، فمن ذلك خبيص اليقطين وخبيص الجزر والوردية المتّخذة بالورد والزنجبيلية المتخذة بالزنجبيل، وكأقراص العود وأقراص الليمون والأقراص المُمسّكة وغير ذلك، وكثيراً ما يستعملون الفستق في أطبختهم وحلوائهم عِوَض اللوز وهو الفستق، وهي لذيذة جدا مسمِّنة وموادها لحم دجاج مسلوق منسر جزء، وجلاب جزءان ومثل ثمن الجميع أو تسعة فستق مقشور مهروس، وكيفية عمله أن يمسح اللحم المنسر بالسيرج ويجعل بالدست بحيث يشم النار ويسكب عليه الجلاب ويُضرب حتى ينعقد ثم يُلقى على الفستق ويضرب حتى يختلط ثم يرفع.
ومن غريب ما يتّخذونه رغيف الصينية وصفته أن يُؤخذ من الدقيق الحواري ثلاثون رطلا بالبغدادي، ويعجن مع خمسة أرطال ونصف سيرجا عجين خبز الخشكنان ثم يقسم بقسمين ويبسط أحدهما رغيفا في صينية نحاس قد اتخذت لذلك سعة قطرها نحو أربعة أشبار ولها عُرى وثيقة، ثم يعبى على الرغيف ثلاثة أخرفة مشوية محشوة الأجواف بلحم مدقوق ومقلوٍّ بالسيرج والفستق المهروس والأفاويهِ العطرة الحارة بالفلفل والزنجبيل والقرفة والمصطكى والكزبرة والكمُّون والهال الجوزة ونحو ذلك، ويُرشُّ عليه ماء وردٍ قد أذيب فيه مِسك، ثم يجعل على الخرفان وبين خلالها عشرون دجاجة وعشرون فرّوجا وعشرون فرخاً
بعضه مشوي محشوٌّ بالبيض وبعضه محشوٌّ باللحم وبعضه مطجّن بماء