الحصرم أو بماء الليمون أو بنحو ذلك، ثمّ يشور بالسنبوسك والقماقم المحشوَّة باللّحم بعضها وبالسكر والحلوى بعضها، وإن شئت أن تزيده خروفا آخر تتخذه شرائح فلا بأس وكذا جُنبا مقلوّا، فإذا نضد ذلك وصار كالفتة تضع عليه ماء ورد قد أُذيب فيه مسك وعود، ثم غُطِّي بالقسم الثاني من العجين بعد أن يمدّ رغيفا ويُلحم بين الرغيفين كما يُلحم الخشكنان بحيث لا يخرج منه نفس أصلا، ثم يقرب إلى رأس التنور حتى يتماسك عجينه ويبتدئ في النضج فحينئذ ترسل الصينية في التنور بِعُراها رويدا رويدا، ويُصبر عليه ريثما ينضج الخبز ويتورد ويحمر ثم يُخرج ويُمسح بإسفنجة، فيرشّ عليه ماء ورد ومسك ويرفع للأكل، وهذا الصنيع يصلح أن يحمل مع الملوك وأرباب الترف إلى منضدياتهم النائية ومتنزَّهاتهم النازحة، فإنه وحده جملة فيها تفصيل سهل المحمل عسر التشعث، جميل المنظر مشكور المخبر يحفظ الحرارة مدة طويلة.
وأما عوامّهم فقلّما يعرفون شيئا من ذلك، وأكثر أغذيتهم الصبر والصحناة والدلينس والخبز والنيدة ونحو ذلك، وشرابهم البوظة وهو نبيذ يتخذ من القمح، ومنهم أصناف يأكلون الفأر المتولد في الصحارى والغيطان عند انحطاط النيل ويسمونه سماني الغيط، وبالصعيد قومٌ يأكلون الثعابين والميتان من الحمير والدوابّ، وبأسافل الأرض قد يُتخذ نبيذ من البطيخ الأخضر، وبدمياط يكثر أكل السمك ويُطبخ بكلِّ ما يطبخ به اللحم من الرز والسماق والمدققات وغير ذلك.
آخر المقالة الأولى والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين.