ولدت في هذه السنة بغلة ولدت ميتا وبقي في دار الوالي أياما كثيرة، وفي سنة ثمان وتسعين وجدت سخلة ذات لبن كان يخرج من حلمتها كأنه خيطٌ دقيق وأُحضرت بدار الوالي مرات، وآخر ما أحضرت وعمرها أربعة أشهر.
وأما خبر النيل في هذه السنة فنحن نسوقه باختصار أمّا أولا، فإنه احترق في طوبة، ثم تزايد احتراقه حتى صار مخاضات للناس والدواب، وظهرت الحفرة فيه في جمادى الآخرة الكائن في برمهات، وتزايدت جدا في رجب حتى ظهرت في طعمه ولونه وريحه ثم تناقصت حتى ذهبت أصلا وانتهى احتراقه في رمضان، وأنحسر عن المقياس نحو ثمانمائة ذراع، وأطالع أبي الرداد باستقرار الماء يوم الثلاثاء لخمس بقين من بؤونة وأربعٍ بقين من رمضان من سنة ثمان وتسعين فكان القاع ذراعا ونصفا وكان في السنة الخالية ذراعين، وابتدأ في الزيادة في السنة الخالية من هذا اليوم، فأمّا في هذه السنة فإنَّ زيادته تأخَّرت إلى الخامس والعشرين من أبيب، لم يزد في هذه المدة سوى أصابع، حتى ساءت ظنونُ الناس وشملهم اليأس وظنوا أنّ حادثا وقع بفوهته وعند مبدأ جريته، ثم أخذ في الزيادة حتى أنسلخ أبيب وهو على ثلاث أذرعٍ ووقف يومين، فاشتدّ هلع الناس لخروجه في التوقف عن المعتاد، ثم أنه أندفع بقوةٍ وزيادات متداركة وجبالٍ من المياه متدافعة، فزاد ثماني أذرع في مدّة عشرةِ أيام منها ثلاث أذرع متوالية، وانتهى في رابع توت وهو الثاني عشر من ذي الحجة إلى ستَّ عشرة ذراعا تنقصُ إصبعا وقام يومين، ثم أخذ ينحطُّ متباطئا وينصرفُ رويدا، فهذا ما قصدت اقتصاصه من أحواله هذه الكائنة، فليكن آخر المقالة ومنتهى الكتاب.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين محمد النبي الأميِّ وعلى آله الطيبين الطاهرين.
كتبه مؤلفه الفقير إلى الله تعالى عبد اللطيف بن يوسف ابن محمد البغدادي في رمضان سنة ستمائة بالقاهرة.