الفصل السادس في غرائب أطعمتها

بألواحٍ من خشب ثمينة محكمة، وأخرج منها أفاريز كالرواشن نحو ذراعين، وبني فوق هذا السطح بيت من خشب وعقد عليه قبة وفتح له طاقات ورواذن بأبواب إلى البحر من سائر جهاته، ثم تعمل في هذا البيت خزانة مفردة ومرحاض، ثم يزوق بأصناف الأصباغ ويدهن بأحسن دهان.

وهذا يُتّخذ للملوك والرؤساء بحيث يكون الرئيس جالسا في وسادته وخواصّه حوله والغلمان، والمماليك قيام بالمناطق والسيوف على تلك الرواشن وأطعمتهم وحوائجهم في قعر المركب، والملاحون تحت السطح أيضا وفي باقي المركب

يقذفون به لا يعلمون شيئا من أحوال الركّاب، ولا الركّاب تشتغل خواطرُهم بهم، كل فريق بمعزِلٍ عن الآخر ومشغولٌ بما هو بصدده، وإذا أراد الرئيس الاختلاء بنفسه عن أصحابه دخل المخدع، وإذا أراد قضاء حاجته دخل المرحاض، والملاحون بمصر يقذفون إلى ورائهم فهم في قذفهم يشبهون الحبالين في مشيهم القهقرى ويشبهون في تحريكهم السفن من يجذب ثقلا بين يديه ويمشي به إلى خلفه، وأما ملاحو العراق فهم بمنزلة من يدفع الثقل أمامه ويدسر به فسفنهم تتوجه حيث الملاح متجه، وأما سفن مصر فهي تتحرك إلى ضد الجهة التي إليها الملاح متوجِّه، وأما أي الحالتين أسهل والبرهان عليها فموضعه العلم الطبيعي وعلم تحريك الأثقال.

الفصل السادس في

غرائب أطعمتها

فمن ذلك النيدة وهي بمنزلة الخبيص حمراء إلى السواد وهي حلوة لا في الغاية وتتخذ من القمح بأن ينبت ثم يطبخ حتى يخرج نشاه وقوته في الماء، ثم يصفّى ويُطبخ ذلك الماء حتى يغلظ، ثم يُذرُّ عليه الدقيق ويُعقد ويرفع فيباع بسعر الخبز وهذه تسمى نيدة البوش، وقد يُطبخ ذلك الماء وحده حتى ينعقد من غير دقيق وتسمى النيدة المعقودة وهي أغلى من الأولى وأعلى.

ويختصون أيضا باستخراج دهن بزر الفجل والسلجم والخسّ، ويستصبحون به ويعملون منه الصابون، وصابونهم رطب أحمر وأصفر وأخضر وبه شبهت الصابونية وإليه نسبت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015