في تخريبه ويبالغون في تهديمه ويُفسدون صور الأصنام إفسادَ من يرجو عندها المال ويخاف منها التلف، وينقِّبون الأحجار نقْبَ مَن لا يتمارى أنها صناديقُ مقفلة على ذخائر ويسربون في فطور الجبال سروب متلصِّصٍ قد أتى البيوت من غير أبوابها وانتهز فرصة لم يشعر غيره بها.
وهذه الفطور منها ما يدخل حبواً ومنها ما يدخل زحفاً، ومنها ما يدخل سحباً على الوجوه ومنها مضايق لا ينسحب فيها إلّا الضرب الضئيل وأكثر ذلك إنما هو فطور طبيعة الجبال.
ومن كان من هؤلاء له مالٌ أضاعه في ذلك، ومن كان فقيراً قصد بعض المياسير وقويَ طمعه وقرُب أمله بأَيمانٍ يحلِفها له وعلوم يزعم أنه استأثر بها دونه علامات يدّعي أنه شاهدها حتى يخسر ذلك عقله وماله، وما أقبح بعد ذلك مآله!.
ومما يقوي أطماعهم ويديم إصرارهم أنهم يجدون نواويس تحت الأرض فسيحةَ الأرجاء مُحكمة البناء، وفيها من موتى القدماء الجمَّ الغفير والعدد الكثير، قد لُفُّوا بأكفانٍ من ثياب القنَّب لعلّه يكون على الميّت منها زُهاء ألفِ ذراع، وقد كُفِّن كل عضو على إنفراده، كاليد والرجل والإصبع في قِطَعٍ دِقاق، ثم بعد ذلك تُلفُّ جثة الميّت جملةً حتى يرجع الحمل العظيم، ومن كان يتتبَّع هذه النواويس من الأعراب وأهل الريف وغيرهم، يأخذ هذه الأكفان فما وجد فيه تماسكاً، اتّخذه ثياباً أو باعه للوراقين يعملون منه ورق العطارين، ويوجد بعض موتاهم في توابيت من خشب الجميز ثخين، ويوجد بعضهم في نواويس من حجارة إما رخام وإما صوّان وبعضهم في أزيارٍ مملوءةٍ عسلا، وخبّرني الثقةُ أنهم بينما كانوا يتقفّون المطالب عند الأهرام، صادفوا دنّاً مختوماً ففضُّوه فإذا به عسل، فأكلوا منه فعلق في إصبع أحدهم شعر فجذبه فظهر له صبي صغير متماسك الأعضاء رطب البدن عليه شيء من الحُلي والجوهر، وهؤلاء الموتى قد يوجد على جباههم وعيونهم وأنوفهم ورق من الذهب كالقِشر، وقد يوجد منه أيضا على فرج المرأة وربما وُجد قشر من الذهب على جميع الميت كالغشاء، وربما وجد عنده شيء من الذهب والحلي والجوهر، وربما وجد عنده آلته التي كأن يزاول بها العمل في حياته، وخبرني الثقة أنه وجد عند ميّتٍ منهم آلةَ مزيّن، مِسنّاً وموسى، وعند آخر آلة الحِجام، وعند آخر آلة الحائك، ويظهر من حالهم أنه قد كان