فأخرجها بلا منفعة فيها، ثم عدل البيض في البيت بعد تنقيته وأخرج اللاح عنه وهذا الفعل يسمى التلويح، ثم تصبح بعد التلويح تنقص الزبل من العيار الأول ملء كفك من كلّ حوض بكرةً ومثله عشيّةً حتى ينصرم اليوم الرابع عشر ولم يبق من الزبل شيء، فحينئذ يكمل الحيوان ويشعرن ويتفتح، فاقطع إذ النار عنه فأن وجدته زائد الحرارة يحرق العين فافتح الطاقة التي على وجه الباب وأبقها كذلك يومين ثم ذقه على عينك فأن وجدته غالب الحرارة، فافتح نصف الشباك وأنت مع ذلك تقلّبه وتُخرج البيض الذي في الصدر إلى جهة الباب والبيض الذي في جهة الباب تردّه إلى الصدر حتى يحمى البارد الذي كان في جهة الباب ويستريحُ الحارّ الذي في الصدر، يُشمّ الهواء فيصير في طريقة الإعتدال ساعة يحمي وساعة يبرد، فيعتدل مزاجه وهذا الفعل يُسمّى الحضانة كما يفعل الطير سواء، وتستمرّ على هذا التدبير دفعتين في النهار، ودفعة في الليل إلى تمام تسعة عشر أيضا، فإنّ الحيوان ينطق في البيض بقدرة الله تعالى، وفي يوم العشرين يطرح بعضه ويكسر القشر ويخرج وهذا يسمى التطريح، وعند تمام اثنين وعشرين يوما يخرج جميعه، وأحمدُ الأوقات لعمله أمشير وبرمهات وبرمودة، وذلك في شباط وآذار ونيسان، لأنَّ البيض في هذه المدة يكونُ غزير الماء، كثير البذرة صحيح المزاج، والزمان معتدل صالحٌ للنشأة والتكوين، وينبغي أن يكون البيض طريّا وفي هذه الأشهر يكثر البيض أيضا.
ومن ذلك الحمير، والحمير بمصر فارهة جداً، وتُركب بالسروج وتجري مع الخيل والبغال النفيسة لعلها تسبقها، وهي مع ذلك كثيرةُ العدد، ومنها ما هو غال بحيث إذا رُكب بسرج اختلط مع البغلات، يركبه رؤساء اليهود والنصارى ويبلغ ثمن الواحد منها عشرين دينارا إلى أربعين.
وأما بقرهم فعظيمة الخلق حسنةُ الصور، ومنها صنفٌ هو أحسنها وأغلاها قيمة يسمى (البقر الخيسية) وهي ذوات قرون كأنها القسي غزيرات اللبن.
وأما خيلها فعتاق سابقة ومنها ما يبلغ ثمنه ألف دينار إلى أربعة آلاف، وهم ينزون الخيل على الحمير والحمير على الخيل، فتأتي البغلة وأمها أتان، ولكن هذه البغال لا تكون عظيمة الخلق كالتي أمهاتها مهورة، لأن الأمّ هي التي تعطي المادة.