ثمّ يتلو هذا الباب المصفّح من جهة الشرق باب العراق وسُمّي بذلك لأنّه يُخرج منه إلى ناحية العراق وهو باب قديم مكتوب على بعض أبرحته: " أبو عُلوان ثِمال لن صالح بن مرداس " وكان ثمال بحلب بعد العشرين وأربعمائة. وبين يدي هذا الباب ميدان أنشأه الملك العادل نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة وله بابان.
وويلي هذا الباب شرقاً باب دار العدل كان لا يركب منه إلاّ الملك الظاهر غياث الدين غازي وهو الذي بناه.
ويلي هذا الباب شرقاً أيضاً الباب الصغير وهو الباب الذي يُخْرج منه من تحت القلعة من جانب خندقها وخانقاه القصر إلى دار العدل ومن خارجه البابان اللذان جدّدهما الملك الظاهر غازي في السور الّذي جدّده على دار العدل أحدهما يُدعى الباب الصغير أيضاً يفتح على شفير الخندق ويُخرَج منه إلى الميدان المقدّم ذكره والآخر مغلق.
ويلي الباب الصغير الأول باب أربعين وكان قد سُد ثمّ فُتح وله بابان واختُلف في تسميته بهذا الاسم فقيل إنّه خرج منه مرّةً أربعون ألفاً فلم يعودوا فسُمّي بذلك وقيل إنّما سمّي بذلك وقيل إنّما سُمي لأنه كان بالمسجد الّذي داخله أربعون من العبّاد وقيل أربعون محدّثاً وقيل كان به أربعون شريفاً وإلى جانبه أعلى المسجد للأشراف مقبرة.
وهذه الثلاثة أبواب أعني باب العراق والباب الصغير وباب أربعين كان الملك الظاهر غياث الدين غازي قد سفّح بين يدَيْها تلاً من التراب الّذي أخرجه من خندق الروم سمّاه التواثير يحيط بها من شرقيّ قلعة الشريف إلى باب القناة وفتح فيه ثلاثة أبواب ولم يتمّها فأتمها ولده الملك العزيز محمّد وسُمي القبليّ منها باب المقام ويُعرَف الآن بباب نفيس " وهو " رجل كان به إسباسلاّراً.
ويلي هذا الباب شرقاً باب سمي باب النَيْرَب لأنه يُخرج منه إلى قرية تُسمى بهذا الاسم.
ويلي هذا الباب باب القناة وسُمي بهذا الاسم لأنّ القناة الّتي ساقها الملك الظاهر من حَيْلان إلى المدينة تعبر منه.
ويلي باب أربعين المقدّم ذكره من جهة الشمال باب النصر وكان يُعرَف قديماً بباب اليهود لأن اليهود تجاوره بدورهم ومنه يخرجون إلى مقابرهم فاستقبح الملك الظاهر وقوع هذا الاسم عليه فسمّاه باب النصر وجعل عليه أربعة أبواب لكل بابين دركاه يُسلَك من إحداهما إلى الأخرى في حنيّه معقودة وبنى عليه أبراجاً محكمة البناء ويُخرج منه على جسر معقود على الخندق وإلى فنادق أمر بإنشائها تُباع فيها الغلاّت كان في مكانها تلال من التراب والرماد.
ويلي هذا الباب باب الفراديس وهو من غربيّ البلد أنشأه الملك الظاهر غياث الدين غازي وبنى عليه أبرجةً عاليةً حصينةً بعد وفاته ولم يزل مسدوداً إلى أن فتحه الملك الناصر ابن ابنه.
ويلي هذا الباب باب الجنان وسُمي بذلك لكونه يُخرَج منه إلى البساتين وله بابان.
ويلي هذا الباب باب إنطاكية وسُمي بذلك لكونه يُخرَج منه إلى جهة إنطاكية وهذا الباب كان قد خربه نقفور لمّا استولى على حلب في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ثم لمّ عاد إليها سيف الدولة بناه ولم يزل على ما أنشأه إلى أن هدّه الملك الناصر صلاح الدين يوسف وبناه وكان ابتداء عمارته في سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وتمّ في سنة خمس وأربعين وبُني عليه برجان عظيمان وعُمل له دركاه وحنايا " ينفذ " بعضها على بعض وله بابان.
ويلي هذا الباب باب السعادة يُخرَج منه إلى ميدان الحصى أنشأه الملك الناصر في سنة خمس وأربعين وبُني عليه أبرجة وله دركاه وبابان. ومن هذا الباب إلى قنسرين. وكان بحلب من الأبواب قديماً باب يُسمى باب الفرج وهو إلى جانب حمّام القصر المشهور أخربه الملك الظاهر ودرست معالمه وباب على الجسر الّذي على نهر قُرَيْق خارج باب إنطاكية كان من بناء سيما الطويل وسمّاه باب السلامة دثرت معالمه وكانت الروم خربته أيّام سيف الدولة بن حمدان وسنذكره في ذكر المباني القديمة الّتي بحلب.
الباب السادس في
ذكر بناء القلعة الّتي بحلب والقصور القديمة