فعطفت نفوس أربابها، وشمخت أنوفهم، وكبرت هممهم. وكان فيها من الولاة الملثمين رجال عظماء، عقلاء فضلاء، بادروا إلى مخاطبة الخليفة أمير المؤمنين رضه «ا» ، وتساعدوا مع الوالى المتصرف بها «ب» ، فأدخلوا الموحدين أعزهم الله، يوم الاثنين فى العشر الأول من ذى حجة سنة 540 [23 مايو 1145] ، «1» وسلمت لهم أملاكهم وأموالهم، ولم تزل أحوالهم تنعم، «ج» وأموالهم تتزايد مع الأمن والدعة والسكون فى ظل أمن هذا الأمر العالى بهدى الله. ومن شأن النفوس استدعاء الخيرات لذواتها، وجلب المكاسب والمنافع والمحاماة عليها، والرغبة فى تحصيلها، وهذا كله من دواعى الشح «د» ، والبخل، والمنع، وقلة الجود، وترك البذل، ولو كان الجود موجودا مع استجلاب المنافع الجسمانية، لما تمكن تحصيلها لطالبها، للمتابعة اللازمة بين الضدين. فلما أحس بهذا من له نباهة، وخاصة الأدباء أظهروا أساليب القوم وأفشوها «ر» وخلدوا فيهم «س» عجائب القبائح، مثلما «ص» فعل أبو بكر البكى «ط» «2» عفا الله عنه، فمن أعجب ما حكى الشيخ العالم الصوفى الزاهد أبو الحسن بن حرزهم رحمة الله عليه، عتبه على ما خلده فيهم من القبائح، فأطرق البكى ساعة وأنشده.
رأيت جنان «ع» عدن فى منامى ... وحور العين فى أسنى لباس
فقلت بما أحصل «ف» بعض هذا ... فقال «ك» إذا هجوت لأهل فاس
فدع عنك الصلاح وكل بر ... فهجوهم يؤمن كل باس