الصحن «ا» ، وزيد فيه من جهة الغرب باب كبير، مرتفع البناء عالى السناء يسمى باب النجارين «ب» ، كل ذلك فى حدود سنة 578 [- 1191] ، فكملت منافع هذا الجامع المكرم وشرفت حومته بما شرفه الله تعالى به. وكذلك بقصبة السلطان جامع شريف معظم فيه الخطبة، وأحدثها فيه هذا الأمر العزيز- أدام الله اعتلاءه- لأن القصبة منحازة عن البلد «ج» بسور، فوجب أن يكون فيها جامع وفى كل عدوة شريعة لخطبة العيدين. ومدينة فاس كثيرة الخصب والرخاء، كثيرة البساتين والمزدرعات والفواكه، وجميع الثمار، ولها أقطار واسعة متصلة العمائر. وعدوة القرويين من هذه المدينة أكثرها بساتين وأشجار ومياه وعيون من عدوة الأندلس، وكلاهما خصبة «د» عظيمة القدر، جليلة الخطر ويقال إن رجال عدوة الأندلس أشجع «ر» وأنجد من رجال عدوة القرويين، ونساؤهم أجمل من نساء القرويين، ورجال عدوة القرويين أجمل من رجال عدوة الأندلس. ويقال إن بعدوة الأندلس تفاح حلو يعرف بالأطرابلسى، جليل حسن الطعم والرائحة، يصلح بها ولا يصلح بعدوة القرويين. وكذلك بعدوة القرويين أترج جليل، يجود بها ولا يجود بعدوة الأندلس، وكذلك سميد عدوة الأندلس أطيب من سميد عدوة القرويين. وهذه المدينة قصبة بلاد المغرب، بل وبلاد المشرق والأندلس، لا سيما فى هذا الأمر العزيز- أيد الله دوامه- ومنها يتجهّز إلى بلاد السودان وإلى بلاد المشرق، ومنها يحمل النحاس الأصقر إلى جميع الآفاق. قال الناظر هذه المدينة العظيمة، لما كانت على هذا الوضع المتقدم، وفاضت عليها بركة الواضع لها، وهو إدريس بن إدريس العلوى الفاطمى رضه، ترتب على هذا اتساع مكاسب «س» أهلها، ورغد عيشهم، وكثرة تنعمهم، لجمال المدينة، وعظم حماماتها «ص» وكثرتها، وهى أصل التنعيم. قال الشاعر:
إذا زفر الحمام، واشتد غيضه ... وهاجت لو اعيج به وحميم «ط»
رأيت نعيما فى الحميم «ع» وراحة ... وذاك غريب فى الجحيم نعيم