مدينة تهودة «1» : بالقرب من بسكرة مدينة تهودة وهى مدينة كبيرة قديمة أزلية عليها سور عظيم مبنى بالحجر الجليل، ولها رياض كبيرة ولها أرباض كثيرة يدور بجميعها خندق، ولها نهر كبير ينصب إليها من جبل أوراس، فإذا كانت بينهم وبين أحد حرب، وخافوا النزول إليهم أجروا ماء ذلك النهر فى الخندق المحيط ببلدهم فامتنعوا منه. وهى كثيرة البساتين والزرع والنخل وجميع الثمار. وفى هذه المدينة خبر مشهور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يروى عن شهر بن حوشب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن سكنى هذه البقعة الملعونة التى يقال لها تهودة؛ وقال له سوف يقتل بها رجال من أمتى على الجهاد فى سبيل الله ثوابهم كثواب أهل بدر وأهل أحد، والله ما بّدلوا حتى ماتوا. وكان شهر بن حوشب يقول:
وا شوقاه إليهم، وقال شهر سألت جماعة من التابعين عن «ا» هذه الصحابة التى ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا ذلك عقبة بن نافع وأصحابه قتلهم البربر والنصارى بمدينة يقال لها تهودة، فمنها يحشرون يوم القيامة وسيوفهم على عواتقهم حتى يقفوا بين يدى الله تعالى. وروى أبو المهاجر قال: قدم عقبة بن نافع مصر وعليها عمرو بن العاص فى خلافة معاوية بن أبى سفيان فنزل منزلا من بعض قرى مصر ومعه جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم عبد الله بن عمرو بن العاص فوضعت بين أيديهم سفرة فيها طعام فلما تناولوا من الطعام، ضربت حدأة على ما بين أيديهم من الطعام فأخذت منه عرقا، فقال عقبة اللهم دق عنقها، قال وأقبلت منقضة حتى ضربت بنفسها الأرض فأندقت عنقها، فأسترجع ابن عمرو فسمعه عقبة يترجع فقال: ما لك يا أبا عبد الله، فقال بلغنى أن قوما يغزون إلى هذه الناحية فيستشهدون بها جميعا، فقال عقبة اللهم أنا ومنهم، وكان مستجاب الدعوة. قال ثم إن عقبة بن نافع خرج فى أيام يزيد بن معاوية على جيش كبير غازيا إلى بلاد المغرب، فمر على عبد الله بن عمرو بمصر فقال له:
«يا عقبة لعلكم من الجيش الذي يدخل الجنة» «ب» ، قال أبو المهاجر فافتتح عقبة بلاد المغرب حتى وصل إلى أقصاها وعلى ضفة البحر المحيط، وقد ذكرناها.
ويقال إنه أدخل «ج» فرسه فى البحر حتى بلغ تلبيب سرجه، وقال اللهم إنى