البنيان، محكمة العمل، كأنها رفعت عنها الأيدى بالأمس؛ وكلها مفروشة بالرخام النفيس. وفى هذه الكنائس أعجوبة، يجتمع على حيطانها من الغربان عدد لا يحصى، يظن الرائى لها أن غربان الأرض قد جمعت هناك. ويقال إن لها بها طلسم. وكان الولاة يتنافسون فى ولاية بجاية، ويقولون من يترك قمح عندة وسفرجل دانة وعنب باطة «ا» وحوت درنة. وذرنة بحيرة كبيرة ما بين مدينة باجة، ومدينة طبرقة. وعلى الطريق من القيروان إلى قلعة «ب» أبى طويل وهى قلعة حماد، مما يلى بلاد الصحراء، مدن كثيرة خربتها العرب عند دخولهم بلاد إفريقية، منها
مدينة سبيبة «1» : وهى مدينة قديمة أزلية، ذات أنهار، ومياه سائحة تطحن عليها أرحية. وكانت على نظر كبير ومز درعات كثيرة وقرى عامرة.
وفيها اليوم بعض سكنى لقبائل من البربر والعرب، ويسمى اليوم ذلك النظر القرى «ج» . ولم يكن بإفريقية أخصب أرضا منها، ولا أكثر بساتينا وثمارا وعيونا جارية. ولمدينة سبيبة عين عظيمة كبيرة، وهى من بنيان قديم، من عمل الأوائل، ويقال إن فيها أخباء كثيرة «د» . ومن أغرب ما يهتف به أهلها، أنهم يقولون إنه يوجد فيها فى رأس كل شهر دينار كبير، زنته عشرة مثاقيل «ر» ، ولا يجده إلا من يعرف رقية العين، ويقولون إن رجلا كان يعرف رقية العين المذكورة، فكان يبخر ببخور، ويرقى بكلام غير مفهوم، فكان يجد فيها كل يوم دينارا من تلك الدنانير، حتى كسب من ذلك مالا كثيرا.
مدينة مجّانة «2» : وتعرف بمجانة المطاحن «س» ، لأن «ص» بها معدنا لقطع حجارة الأرحاء «ط» ليس على الأرض مثله؛ وهى مدينة قديمة أزلية ذات مياه وعيون.