مدينة مرما جنّة «1» : كانت مدينة كبيرة قديمة أزلية. فيها آثار كثيرة للأول ولها عيون سائحة، وهى على نظر واسع كثير الزرع والخيرات.
مدينة تبسا «2» : وهى مدينة قديمة أزلية، فيها آثار كثيرة للأول ومبان عجيبة، ما بإفريقية بعد قرطاجنة أعظم منها. فيها دار ملعب قد تهدم أكثره، أغرب ما يكون من البناء. وفيها هيكل يظن الرائى انه كما رفع اليد عنه، ما يكاد يعرف الفرق «ا» بين أحجاره «ب» ، ولو غرست الإبرة بين حجرين من أحجاره ما وجدت منفذا. وفى داخله أقباء معقودة بعضها فوق بعض، وبيوت تحت الأرض وآزاج كثيرة لها منظر هائل. ويقال إن ذلك الهيكل كان لاستنزال الروحانيات، لأن فيه أثر الدخان، وفيه صور جميع الحيوانات وصور شاذة لا يعلم ما هى. وفى وسط المدينة هيكل عظيم، مبنى على سوارى رخام عظام، وقد صور خارج حيطان هذا الهيكل من صور جميع الحيوانات بأغرب ما يكون من التصوير، ويقال إنها كلها طلاسم. وتوجد فى خرائبها طلاسم، ولقد دخلتها فأعطانى إنسان من أهلها طلسما، وهو على صورة أسدين من نحاس أحمر، عجز الواحد منهما إلى عجز الآخر، قد صورتا بأعجب ما يكون من التصوير. وأخبرنى أن بلدهم تبسّا كان لا يدخلها عقرب، ولو أدخل فيها مات، حتى حفر إنسان أساس داره، فوجد قدر نحاس فيها عقارب من نحاس، فسبكها، وصرفها فيما يحتاج، فدخلت حينئذ العقارب المدينة، وأضرت بالناس فيها. والمسكون اليوم من تبسا إنما هو قصرها، وعليه سور من حجر جليل، متقن العمل كأنما فرغ منه بالأمس، وهو حصن عظيم. وفى مدينة تبسّا أقباء تدخلها الرفاق بدوابهم فى أيام الشتاء، يسع القبول منها ألفى دابة وأكثر. وبقرب مدينة تبسا، واد يعرف بوادى