قال الناظر: وعندها هزم الخليفة أبو يوسف رضى الله عنه الشقى الميورقى بظهر مدينة حامة مطماطة المذكورة، فر الشقى منهز ما بخديعة الذهن آخذا على هذه السباخ، فتبعه الموحدون أعزهم الله، سالكين أثره قاصين خبره حتى أشرفوا على مدينة توزر، فلقوه قد توغل فى صحرائها. وخاطب الخليفة رضى الله عنه بلاد المغرب معلما بذلك. فمن فصل من الرسالة «1» : « ... نهض الموحدون- أعزهم الله- من قابس- كلأها الله- آخذين على صحرائها وقاصدين إلى البلاد الجريدية من ورائها على طرق لا عهد لها بالعساكر، ولا علم فيها لعابر، ولا منفذ أمامها لوارد ولا صادر، بحيث منقطع التراب، ومتصل القفر اليباب، ولا ماء ينبع فى الأرض ولا يستقر من صوب السحاب «ا» ، وإن سلوكها لمن العجائب العجاب «ب» ، وآيات هذا الأمر «ج» الميسر للطلاب ... » .
وآخر بلاد الجريد مدينة درجين «د» «2» : وهى مدينة قديمة بقرب نفطة، وهى مدينة كبيرة وفيها تصنع الكسى الدرجينى، وهو يشبه السجلماسى فى ثوبه ولونه، ولكنه دونه فى الجودة. وبالقرب منه بلد سوف، ولا يعرف خلفه عمران ولا حيوان إلا جبال من رمل يصاد فيها الفنك الذي لا يوجد لجلده نظير فى الدنيا. وأهل تلك البلاد يخبرون أن قوما أرادوا معرفة ما وراء قسطيلية مثل توزر وغيرها، فأستعدوا بالأزودة والمياه، وذهبوا فى تلك الصحارى والرمال أياما، فلم يروا أثرا لعمران وهلك أكثرهم فى تلك الرمال. قال الناظر: ركب هذه الرمال، وشق صحراءها هذا الشقى فى حين طلب الموحدين له، أيام إقامة أمير المؤمنين على قفصة، وإنما نبه على ركوبها ما تعوده أيام كونه مع أبيه بميورقة، فإن من أفعال عدو الله ركوب ظهر اللجج طول النهار، فإذا أقبل العشى طلب أهل البر للفرضه. وكذلك فعل الشقى،