ومن مدن نفزاوة أيضا مدينة أيتملين «ا» «1» : وهى مدينة لطيفة حصينة لها أرباض ولها غابة نخيل وزيتون وجميع الفواكه. قال بعض الأدباء:
ايتملين سبعة أحرف على لطفها وخمول ذكرها، ومصر ثلاثة أحرف على عظمها وسمو ذكرها.
وبنفزاوة مدن وقصور وعمائر مثل قسطيلية، وهى كثيرة النخل والبساتين كثيرة الخصب. وفى بلد نفزاوة عين كبيرة تسمى بالبربرية تاورغى «2» ، وهى من بناء الأول؛ وليس ببلاد الجريد عين أعظم منها، لا يدرك لها قعر. وبقرب نفزاوة مدينة أزلية غير مسكونة فيها آثار كثيرة للأول تعرف بالمدينة «3» . وبين نفزاوة وقسطيلية مرحلة، والطريق بينهما فى أرض سواخة وسباخ وملاحات لا يهتدى للطريق «ب» بها إلا بخشب قد نصبت فى دهس تشبه الصابون فى الرطوبة. فإن أخطأ أحد طريق تلك الخشب المنصوبة على الطريق سلك فى تلك السباخ. وقد هلك فيه العساكر والجماعات على قديم الزمان؛ ممن دخلها ولا يعرف أمرها أو خانته تلك الخشب «4» وتلك السباخ لا يعلم لها آخر، إنما هى قد اتسعت فى تلك الصحارى، ولا يسلك منها إلا الطريق إلى توزر، وإلى بلاد قسطيلية ما يقرب من البر بتلك العلامات. ويقال إنها متصلة ببلاد غدامس. وهذه السباخ كلها ملاليح «ج» وفيها موضع بين نفطة والحامّة يعرف «بالسبع سباخ» . وفى وسط الطريق المار من مدينة توزر إلى نفزاوة جزيرة صغيرة فيها عين عذبة يشرب منها من يسير على ذلك الطريق. وإذا دخل المسافرون هذا الطريق فى أيام الصيف يكادون يهلكون من حرارة الملح «د» ويرجع ماؤهم وهو فى الزقاق ملحا، ولا تقدر على شربه إلا أن يمزج بسكر أو بعسل؛ رأيت ذلك وشاهدته.