ذلك النحاس بأموال كثيرة. ثم أرادوا أن يرجعوا إلى الربوة التى وجدوا فيها النحاس، فلم يقدروا عليها وضلوا طريقها؛ ولو وجدوها لكان فيها غناهم إلى آخر الدهر.
قيل أتى رجل من أهل الواح الخارج إلى مقرب بن ماض فأخبره أنه دخل حائط «ا» نخل كان له فوجد أكثر تمره قد أكل، ووجد فيه أثر قدم إنسان لا يشبه هذا الخلق فى العظم. قال فاحترسه هو وأهله «ب» ليال حتى طرقهم ذلك الشخص فرأوا خلقا عظيما لم يعهد مثله، فجعل يأكل التمر، فلما هموا به فاتهم فلم يعلموا به أمرا. قال فنهض معهم حتى وقف على أثر ذلك الشخص فاستعظمه، وأمرهم أن يحفروا زبية فى الموضع الذي كان يدخل فيه، وغطوا أعلاها بالحشيش ويرقبوه. ففعلوا ذلك ورقبوه ليال «ج» متتابعة؛ فلما كان ذات ليلة أقبل ذلك الشخص على عادته، فتردى فى الزبية فبادروا إليه بجميعهم وغلبوه بكثرتهم حتى أخذوه، فإذا بامرأة سوداء عظيمة الخلقة مفرطة الطول والعرض لا يفقه منها كلمة. فرآها مقرب بن ماض فهاله أمرها، فكلموها بكل لغة علموها من لغات «د» السودان فلم تجاوب بواحدة منها، وتكلمت بكلام لا يفهم. وبقيت عندهم أياما يأتمرون فى أمرها، فقال لهم مقرب: نرى أن ترسل، وتركب الخيل العتاق السوابق والنجب العشار «ر» فى إثرها إلى أن يوقف على موضعها ويعلم حقيقة أمرها «س» . فلما أرسلت، فاتت الخيل والنجب وبارت الرياح فلم يقفوا على حقيقة خبرها «س» «1» . ويذكر أن بين بلاد الواح وبلاد الجريد من إفريقية رمال عريضة فيها بقاع تعرف بالجزائر وهى كثيرة النخل والعيون، لا عمران فيها، ولا أنيس بها. ويقال إنه يسمع فيها أبدا عزف الجن، ولا شك أنها كانت بلادا عامرة. ويتكدس «ص» هناك من التمر تحت النخل أكوام لا يقع عليها أحد إلا الطير والوحش، وربما انتجعه الناس فى السنين «ط» الجدبة وعند الضرورة.