لهم شيوخ وفقهاء فى مذاهبهم يرجعون إلى أمرهم، ولهم رخص كثير فى مذاهبهم.
أخبرنى الثقة قال: رأيت رجلا دخل بلادهم فرأى إنسانا قد أراد التطهر، فنزل على ماء ونزع ثيابه وجعل يشبر كأنه يغتسل، وكأنه يتوضأ، وكأنه يريق على رأسه وعلى جسده الماء. فقال له الرجل ما هذا، فسكت عنه حتى فرغ، فأخذه الرجل الغريب وحمله إلى حاكم البلد، وقال له رأيت هذا يفعل كيت وكيت.
فقال له الحاكم: من أين أنت، فقال من المغرب؛ فقال والله لولا أنك غريب ببلدنا لأدبتك، وما يدريك لعل له عذرا؛ قال الله تعالى: «يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر «1» . وهذا أفضل مذاهبهم «ا» فإن فيهم من لا يرى الاغتسال بالماء جملة؛ وإذا كان على أحدهم غسل يتمرغ فى التراب ويتيمم مكان الوضوء؛ وببلاد إفريقية من هذا المذهب كثير. والزنا الحرام «ب» بجبل نفوسه فى مذهبهم: ما منهم رجل غنى إلا وله وصائف «ج» كثيرة يلبسهن فاخر «د» الثياب ويحليهن بالحلى، ويبرزهن على الطريق للفواحش «ر» ؛ ولهم ديار معدة لذلك، وهذا عندهم معروف لا ينكر. ومن جبل نفوسة إلى بلد غدامس 7 أيام فى الصحراء؛ والماء منها على مسيرة 3 أيام وأكثر. وبلد غدامس بلد كبير ونظر واسع كثير النخل والمياه؛ وأهلها بربر مسلمون لا يلتثمون على عادة بربر الصحراء من لمتونة ومسوفة وغيرها.
مدينة غدامس «2» : مدينة لطيفة قديمة أزلية، وإليها ينسب الجلد الغدامسى. وبها دوامس وكهوف كانت سجونا للملكة الكاهنة التى كانت بإفريقية؛ وهذه الكهوف من بناء الأولين، فيها غرائب من البناء والآزاج المعقودة تحت الأرض ما يحار الناظر إليها إذا تأملها، تنبىء أنها آثار ملوك سالفة