سهلة إلا من جهة الغرب، فلم يكن للعرب إليها سبيل، ولا كان يدخل من العرب إلا من يبعث إليه «ا» الملك لمصانعه على بلاد القلعة وغيرها؛ فيدخلها أفراد وفرسان «ب» دون عسكر. فبقى صاحب بجاية فى ملك شامخ وعزباذخ «ج» يضاهى فى ملكه صاحب مصر، فإن بجاية على نظر كبير وفائد عظيم. وبجاية معلقة من جبل وقد دخل فى البحر يسمى مسيون «د» ، وعليها سور عظيم، والبحر يضرب فيه. ولها داران لصناعة المراكب، وإنشاء السفن، ومنها تغزا بلاد الروم فإنها ليس بينها وبين صقلية غير 3 مجار «ر» .
وهى مرسى عظيمة تحط فيه سفن الروم من الشام وغيرها من أقصى بلاد الروم، وسفن المسلمين من الإسكندرية بطرف بلاد مصر وبلاد اليمن، والهند، والصين، وغيرها. ومدينة بجاية كثيرة الفواكه والأثمار، وجميع الحيرات.
وهى مشرفة، نزيهة، ومطلة على البحر وعلى فحص قد أحاطت به جبال دوره نحو 10 أميال، تسقيه أنهار وعيون، وفيه «س» أكثر بساتينهم. ولها نهر كبير يقرب منها بنحو الميلين أو دونهما، وعليه كثير من جناتهم، وقد صنعت عليه نواعير تسقى من أنهر، وله منتزه عظيم. وفى بجاية موضع يعرف باللؤلؤة، وهو أنف من الجبل قد خرج فى البحر، متصل بالمدينة، فيه قصور من بناء ملوك صنهاجة لم ير الراءون أحسن منها بناء، ولا أنزه موضعا؛ فيها طاقات مشرفة على البحر عليها شبابيك الحديد والأبواب المخرمة المحنية، والمجالس المقرّصة المبنية حيطانها بالرخام الأبيض من أعلاها إلى أسفلها؛ قد نقشت أحسن نقش وأنزلت بالذهب واللازورد، وقد كتبت فيها الكتابات المحسنة، وصورت فيها الصور الحسنة، فجاءت من أحسن القصور وأتمها «ص» منتزها وجمالا. وهذا الجبل مسيون «ط» ، الذي فيه بجاية، جبل عظيم عال قد ذهب فى الجو، وقد خرج فى البحر، وفيه مياه سائحة، وعيون كثيرة وبساتين، وهو كثير القردة؛ ويكون فيه الحيوان المشوك المسمى بالذرب «ع» .