مدينة طبرقة «ا» «1» : هى مدينة قديمة فيها آثار كثيرة للأول، وهى على نهر كبير. بقرب البحر، تدخل السفن حتى إلى باب المدينة. وبالقرب منها مرسى الحزر «2» ، وهى مدينة قديمة قد أحاط بها البحر من كل جهة إلا مسلك لطيف، وربما قطعه البحر فى زمن الشتاء، وعليها سور قديم، وبها كانت تنشأ المراكب لغزو بلاد الروم. وفيها يخرج المرجان، ومنها يحمل إلى بلاد الدنيا.
وهناك قوم لهم مراكب وزوارق ليس لهم حرفة إلا إخراج المرجان من قعر البحر؛ وهو نبات مشجر له أغصان. وصورة إخراجه من البحر [أن] لهم خشبا قد صلب بعضها على بعض، ويلقون عليها جرات «ب» الكتان أو القنب «ج» ، يثقلونها بمراسم، ويلقونها فى البحر ويمشون بالزوارق، فينجر «د» ذلك الكتان على قعر البحر فينكسر المرجان ويتعلق بالكتان، فيتفقدونه ويأخذون ما تعلق منه. ويقال إن المرجان إذا كان فى قعر البحر إنما هو رطب لين فإذا مسه الهواء اشتد. ويخرج منه فى ذلك البحر كل سنة من القناطير؛ وهو أنفس مرجان الدنيا، وهو أنفق شىء بالهند والصين. ويكون فى بحر الزقاق بساحل قرية بليونش «ر» «3» من قرى سبتة؛ وهو مثل هذا فى الطيب أو أجل، ويكون فى بحر الأندلس، ويكون فى بعض جزائر البحر الأخضر، وهذا أنفذها.
وبالقرب من مدينة طبرقة، بينها وبين مدينة باجة، بحيرة عظيمة فى دورها نحو أربعين ميلا تصب فى البحر، ويصب البحر فيها، وماؤها لاملح ولاحلو وفيها أنواع كثيرة من الحوت. وبها بورى ليس له فى الدنيا نظير، يقال إنه يوجد فى الحوت الكبير منها 10 أرطال وأزيد؛ وأهل تلك النواحى يستخرجون دهنه ويستعملونه فى مصابيحهم «س» «4» .