عجائبها، فإذا بقبر عليه مكتوب بالحميرية: أنا عبد الله رسول الله صالح، بعثنى الله إلى أهل تلك القرية أدعوهم إلى الله، فقتلونى ظلما، فحسبهم الله وهو نعم الوكيل. فهذا لا شك خراب قرطاجنة.

مدينة بنزرت «1» : هى مدينة على البحر، بينها وبين تونس نحو يومين، وفيها آثار للأول وسور صخر قديم، ولها نهر كبير يصب فى البحر، وفيه حوت كثير. وبالقرب منها بحيرة كبيرة تنسب إلى بنزرت، يدخل إليها ماء البحر، وهى ملحة وفيها من أنواع الحوت ما لا يحصى، يصطاد فيها فى كل شهر من الشهور الأعجمية نوع من الحوت لا يوجد ذلك النوع إلى ذلك الشهر بعينه فى العام القابل؛ ولها غلة عظيمة فإن منها يحمل الحوت إلى جميع بلاد إفريقية.

وأكثر حوت تونس إنما هو من بنزرت؛ وأجناس هذا الحوت وأنواعه تتصبر، فتبقى أعواما صحيحة الجرم لذيذة الطعم. وأكثر ما يتمكن من «ا» صيد الحوت ما بين البحر وهذه البحيرة، وذلك أن الحوت يتوالد فى البحر ويخرج منه صغيرا كالذر «ب» فيتربى فى هذه البحيرة، ثم يرجع فى وقت سفاده وولادته إلى البحر، فيصطاد «ج» فى البحر الذي بينهما؛ ومنه ما يصطاد «ج» بالنقّازة كما يصطاد الحمام. وهذه النقّازة، هى أنثى الحوت المعروف بالبورى. فيأتى التاجر إلى الصياد، فيتفق معه على عدد معلوم، فيخرج النقازة ويرسلها وقد ربط خيطا فى خرص «د» وثيق فى شفتها؛ فتسير فى البحر ويتبعها بزورقه وشبكته، فتدور عليها الذكور فيطرح عليهم شبكته ويخرج ما قدر له «ر» ؛ ويعيد أبدا حتى يستوفى أربه. وعلى مقربة من هذه البحيرة إلى جهة البر بحيرتان:

إحداهما حلوة والأخرى ملحة من غير أن يدخلها ماء البحر، تنصب كل واحدة منها بالأخرى ستة أشهر على التوالى لا يتغير لواحدة منها طعم، فلا الحلوة تصير ملحة ولا الملحة تصير حلوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015