وجدوه وأنه من العلوم السرية التي يتحصل عليها بالرياضة وغيرها. ومال بعضهم وكثير من المتأخرين إلى زعم أن السحر سرعة في اليد وصناعة في التمويه وليس لها سبب ما وراء الطبيعة. وهو قول ليس له دليل يسنده، كما أنه ليس لنا دليل على إثبات السحر إلا لما نص عليه القرآن، ثم ما تقرؤه في كتب الخوارق التي ظهرت في أوروبا من منذ تسعين سنة باسم اسبرتزم وغيره مما يرينا جلياً أن هنالك عالماً روحانياً وفيه من الكائنات ما لا نتصوره وأننا نستطيع أن نناجي تلك الكائنات وتناجيا بوسائل خاصة. ومتى كان هذا ممكنا وتقرر أن الوجود عامر بالآيات المغيبة عنا فلا يبعد أن يكون السحر تابعاً لقوى روحانية وأنه ليس بمجرد صناعة أو سرعة في يد الساحر. أهـ.
وقال فريد وجدي في دائرة معارفه عن التنجيم:
قال العلامة ابن خلدون في مقدمته:
هذه الصناعة يزعم أصحابها أنهم يعرفون بها الكائنات في عالم العناصر قبل حدوثها من قبل معرفة قوى الكواكب وتأثيرها في المولدات العنصرية مفردة ومجتمعة.
ثم إنه يشترط مع العلم بقوى النجوم وتأثيراتها مزيد حدس وتخمين وحينئذ يحصل عنده الظن بوقوع الكائن.
وقد بان لك بطلان هذه الصناعة من طريق الشرع، وضعف مداركها مع ذلك عن طريق العقل مع مالها من المضار في العمران الإنساني بما تبعث في عقائد العوام من الفساد، إذا اتفق الصدق من أحكامها في بعض الأحايين اتفاقًا لا يرجع إلى تعليل ولا تحقيق فيلهج بذلك من لا معرفة له ويظن أطراد الصدق في سائر أحكامها وليس كذلك فيقع في رد الأشياء إلى غير خالقها. ثم ما ينشأ عنها كثيرًا في الدول من توقع القواطع وما يبعث عليه ذلك التوقع من تطاول الأعداء والمتربصين إلى الفتك والثورة، وقد شاهدنا من ذلك كثيرًا فينبغي أن تحظر هذه الصناعة على جميع أهل العمران لما ينشأ عنها من المضار في الدين والدول.
ولكن لا يجوز لنا الانتقال من هذه المادة حتى نورد تاريخ علم التنجيم من المصادر