وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة» رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان في «صحيحهما» ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وكره الشيخ تقي الدين الخروج من مكة للعمرة إذا كان تطوعًا، وقال: هو بدعة؛ لأنه لم يفعله –عليه أفضل الصلاة والسلام- ولأصحابي على عهده إلا عائشة لا في رمضان ولا في غيره اتفاقًا، والعمرة في غير أشهر الحج أفضل منا في أشهر الحج وأفضلها في رمضان؛ لحديث: «عمرة في رمضان تعدل حجة» متفق عليه. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة - أو حجة مَعي» متفق عليه، وقيل: أن العمرة في الحج أفضل، واختاره ابن القيم -رحمه الله- في «الهدي» (ص361) .

والمقصود أن عُمَرةُ كُلها كانت في أشهر الحج مخالفة لهدي المشركين؛ فإنهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج، ويقولون: هي من أفجر الفجور، وهذا دليل على أن الاعتمار في أشهر الحج أفضل منه في رجب بلا شك؛ وأما المفاضلة بينه وبين الاعتمار في رمضان فموضع نظر، فقد صح عنه أمَرَ أمِّ معْقِل، لما فاتها الحج معه أن تعتمر في رمضان، وأخبرها «أن عُمْرةً في رمضان تعدل حجة» ، وأيضًا: فقد اجتمع في عمرة رمضان أفضل الزمان وأفضل البقاع؛ ولكن لم يكن الله ليختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في عمره لا إلى الأوقات وأحقها بها فكانت العمرة في أشهر الحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله تعالى بهذه العبادة وجعلها وقتالها والعمرة حج أصغر، فأولى الأزمنة بها أشهر الحج وذو القعدة أوسطها، وهذا مما نستخير الله فيه، فمن كان عنده فضل علم، فليرشد إليه. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015