منه؛ أما البعيد له شد الرحيل لقصد زيارة القبر؛ للحديث المتقدم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» ، ولو كان شد الرحل لقصد قبره –عليه السلام- أو قبر غيره مشروعًا لدلّ الأمّة عليه وأرشدهم إلى فضله؛ لأنه أنصح الناس وأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية وقد بلّغ البلاغ المبين ودل أمته على كل خير وحذرهم من كل شر.
ويُستحب لزائر المدينة أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه؛ لما في «الصحيحين» من حديث ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور مسجد قباء راكبًا وماشيًا ويصلي فيه ركعتين» ، وعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، واللفظ له والحاكم.
ويُسن لزائر المدينة أن يزور قبور البقيع وقبور الشهداء، وقبرة حمزة - رضي الله عنه -؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزورهم ويدعو لهم؛ ولقوله: «زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة» أخرجه مسلم، وتقدم ما يُسن قوله: إذا زار القبور في آخر كتاب الجنائز، ويُسن أن يقول عند منصرفه من حجه متوجهًا إلى بلده: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده؛ لما في البخاري عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض، ثم يقول: فذكره، ولا بأس أن يقال للحاج إذا قدم: تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك، رواه سعيد عن ابن عمر.
قال في «المستوعب» : وكانوا يغتنمون أدعية الحاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب. انتهى.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج» رواه البزار، والطبراني في «الصغير» ، وابن خزيمة