قال ابن القيم –رحمه الله-:
فإذا أتينا المسجد النبوي ... صَلّيْنا التحية أولاً ثِنتان
بتمام أركان لها وخشوعها ... وحضور قلب فعل ذي إحسان
ثم الثنينا للزيارة نقصد القبر ... الشريف ولو على الأجفان
فتقوم دون القبر وقفة خاضع ... متذلل في السرَّ والإعلان
فكأنه في القبر حي ناطق ... فالواقفون نواكس الأذقان
ملكتهُمو تلك المهابة فاعترت ... تلك القوائم كثرة الرجفان
وتفجّرت تلك العيون بمائها ... ولطالمَا غاضت على الأزمان
وأتى المسلم بالسلام بهَيْبةٍ ... ووقار ذي علم وذي إيمان
لم يرفع الأصوات حول ضريحه ... كلا ولم يسجد على الأذقان
كلا ولم ير طائفًا بالقبر ... أسبوعًا كأن القبر بيتٌ ثان
ثم أنثنى بدعائه متوجهًا ... لله نحو البيت والأركان
هذه زيارة من غدا متمسكًا ... بشريعة الإسلام والإيمان
ثم يتقدم قليلاً فيسلم على أبي بكر، ثم يتقدم فيسلم على عمر - رضي الله عنهما -، وقد روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يقول: السلام عليك يا أبتاه، وهذه الزيارة تشرع للرجال خاصة، أما النساء فلا؛ لما ورد عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن زّورات القبور» أخرجه الترمذي؛ وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والدعاء فيه ونحوه مما يشرع في سائر المساجد فهو مشروع في حق الجميع، ويحرم الطواف بالحجرة النبوية، ولا يجوز لأحد أن يتمسح بها أو يقبلها.
قال الشيخ تقي الدين: اتفقوا على أنه لا يقبّله ولا يتمسح به؛ فإنه من الشرك وكذا مسَّ القبر أو حائطه ولصق صدره به وتقبيله، وليست زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بواجبة ولا شرطًا في الحج، كما يظنه بعض الجهال، بل هي مسنونة في حق من زار مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كان قريبًا