لما روى أبو داود عن أم سلمة قالت: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان لأحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فتحتجب منه» .
وروى الحكم عن علي وابن مسعود وشريح، يعطي سيده من تركته ما بقي من كتابته، فإن فضل شيء كان لورثة المكاتب، وروى نحوه عن الزهري.
وبه قال سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن والنخعي والشعبي ومنصور ومالك وأبو حنيفة، إلا أن مالكًا جعل من كان معه في كتابته أحق ممن لم يكن معه.
فإنه قال في مكاتب هلك وله أخ معه في الكتابة وله ابن قال، ما فضل من كتابته لأخيه دون ابنه، وجعله أبو حنيفة عبدًا ما دام حيًا، وأن مات أدى من تركته باقي كتابته، والباقي لورثته.
وأما الأسير الذي عند الكفار فإنه يرث إذا علمت حياته في قول عامة الفقهاء إلا سعيد بن المسيب فإنه قال: لا يرث، لأنه عبد ولا يصح ما قاله، لأن الكفار لا يملكون الأحرار قهرًا.
ويرث من بعضه حر وبعضه رقيق بقدر ما فيه من الحرية فإذا كسب المعتق بعضه مالاً ثم مات وخلفه، فإن كان قد كسب المال بجزئه الحر.
مثل أن يكون قد هيأه سيده على منفعته فاكتسب في أيامه أو ورث شيئًا، فإن الميراث إنما يستحقه بجزئه الحر أو كان قد قاسمه سيده في حياته، فتركته كلها لورثته لا حق لمالك باقيه فيها.
مثال: ابن نصفه حر ومعه أم وعم حران، فللابن مع نصف حريته نصف ماله لو كان حرًا كله وهو ربع وسدس، وللأم ربع، لأن الابن يحجبها عن سدس فنصفه الحر يحجبها عن نصف سدس.