ولست أدعي أني خير من كتب، ولكني أفاخر بأني أول مَنْ كتب وبوَّبَ ورتَّب, بل لعلي مبتكر هذا البحث, ومبدع ذلك التحقيق, والناهض بتناول نواحٍ منه, لم يسبقني إليها سابقٌ؛ ففي البحث, عدا ما فيه من جهد ودراسة, تراجم لفريق من أدباء الأزهر, لم يظفروا من قبلي بيراعٍ يجول في حياتهم وآثارهم, أو يحاول. وفيها حديث مستفيضٌ عن شخصياتٍ لم يتح لها من التحقيق إلّا عجالة لا تنقع ظمأً, ولا تشبع نهمًا، فأجلت فيها القلم, وعبَّدتُ طريق بيانها وتوضيحها حتى أشرقت واستبانت جوانبها.
ومما ابتكرته, وكنت أول متناولٍ له, حديثي في المصححين الأزهريين الأدباء عن الشيخ، محمد قطة العدوي، والشيخ إبراهيم الدسوقي, وفي خطباء الأزهر الدينيين, عن الشيخ محمد مصطفى المراغي، والقضائيين, عن إبراهيم الهلباوي.
وفي الكتَّاب عن الشيخ "محمد شاكر" والشيخ "عبد العزيز البشري" وفي اللغويين الأدباء عن الشيخ "سيد المرصفي" والشيخ "حسين والي" وفي الشعراء عن الشيخ "عبد الرحمن قراعة"
على أن حديثي عن الشعراء عامةً حديث دراسة وتفصيل وتحليل واستيعاب لم أسبق إليه, ولم أجر فيه على نهجٍ ابتدعه غيري.
فهذا البحث على هذه الصورة المشرقة، وفي هذا العناء الممض، وفي هذا السمت الخاصِّ, هو من جهدي وعملي, وقد توخيت فيه أن أضيف كل فكرة لصاحبها، وأن أنسب الرأي الذي أرتضيه لمرتئيه، ولو اتفق خاطري مع أحد من الذين كتبوا ودرسوا نسبت الرأي إليه مبالغةً في الحيطة, وإيغالا في الحذر.
أما بعد:
فقد أنفقت في كتابة هذا البحث عامين لم أضيع وقتَا، ولم أفلت فرصة،