...
أثر الأزهر في النهضة الأدبية الحديثة:
لماذا اخترت هذا الموضوع، واتجهت هذه الوجهة؟
ولماذا آثرته بالدرس، وخصصته بالعناية؟
سؤال لابد أن يثور في النفس، ويجول في القلب، ويخطر بالبال، ويتردد عند القارئ والكاتب على السواء.
لقد وقفت طويلًا بين مختلف الموضوعات، ومتنوع البحوث، وعرضت على الفكر, ووضعت في ميزان الترجيح والاختيار كثيرًا من المسائل التي يصح أن يعالجها الباحث، ويصول في جانبها وأرجائها الكاتب، فلم أجد موضوعًا أكثر جِدَّةً, وأجمل طرافة, وأخلق بالدرس، وأحق بالاستقصاء، وأجدر بالاحتفال, من هذا الموضوع الذي عنيت بالكتابة فيه.
وطالما حاول العارفون أن يثنوا عزيمتي، ويطامنوا من نشاطي، ويفُلُّوا من رغبتي، ولعلهم أشفقوا عليّ من هذا البحث المتشعب الأطراف، الشاسع الأرجاء، المتوعِّر المسالك، الذي يضني القوي ويفني الجهود، وخاصةً أنه ليست له مراجع محدودة, ولا مصادر معلومة، يمكن أن يفيء إليها الإنسان، ويستمد منها آراءه وأفكاره.
بيد أني لم أستمع لنصحٍ، ولم أحفل بإشفاقٍ؛ لأني أردت بهذا البحث أن يكون تحيةً خالصةً صادقةً للأزهر في عيده الألفيّ، ويسعدني أن أنوب عن الأمة في هذه التحية، وكل جهد في ذلك قليل، وكل عناء في ذلك سائغ وحبيب.
وكان من واجب الأزهريين أن يحتفلوا بالعيد الألفيّ لهذا المعهد الخالد من يوم أن أشرفت هذه الألف على التمام، وكان من واجب الأمة أن تنهض