هذا هو الذي حدا بالبشري أن يسوق النكته بالعامية، ولم يكن الدافع له عجزه عن العربية الفصيحة، وهو أبو عذرتها وابن بجدتها، وهو أحد الذين ردوا إلى الأدب العربي في النهضة الحاضرة قوته وجزالته، وكان على جانب عظيم من معرفة اللغة العربية والتضلع فيها، حتى ليفيض أدبه بثروة لغوية خصبة، ويقتدر على التعبير عن كل ما يريد بأفصح لغة، وأبلغ تعبير.
آثاره الأدبية:
المختار:
هو مجموع ما نشره في الصحف وما حاضر به وألقاه في الإذاعة مما أبدعه أسلوبه وافتن فيه بقلمه، فكان آية في إشراق الأدب وغزارة البيان، وفصاحة العبارة، وسعة الأفق، ضم هذا الكتاب صورًا من الأدب الرفيع يعزر رسمها على غير يراعه والحق أن "المختار" كما يقول الأستاذ "خليل مطران بك" في مقدمته للجزء الأول: متحف حافل بالمفاخر، وكل طرفة من طرفه جديرة بأن تطالع في تدبر ورية.
أما الجزء الثاني فقد كتب في مقدمته عميد الأدب الدكتور طه حسين بقلمه الرشيق، وأدبه العذب فزاد في بهائه وأعلى من مكانته، والجزءان مطبوعان طبعا مصقولا مهذبا.
في المرآة:
يضم هذا الكتاب ما اختاره "البشري" مما كان ينشره في مجلة السياسة الأسبوعية مع جمهرة أخرى من القطع الأدبية الساحرة التي دبجها قلمه المبدع، والكتاب يتضمن صورا دقيقة لعظماء مصر، وكبرائها وساستها وعيونها، رسمها بريشته التي يعيا المصور عن توضيحها كما أوضح وانطاقها كما أنطق، فقد تدسس على جميع ما يختص بهؤلاء الناس، فوصف نفوسهم وطباعهم، وشرح