دخل مأتمًا ليعزي أحد الناس في أحد بنيه، فصفع سمعه صوت القارئ، وكان منكرا مزعجا، وقد أشيع حينئذ أن "الإذاعة" تختار أردأ الفقهاء لإذاعة القرآن وكان بمجلس العزاء طائفة من الكبراء، والعظماء بينهم مدير الإذاعة، فخف الشيخ على مرأى ومسمع من هؤلاء إلى رئيس الأسرة المعزى، وجعل يستحلفه بالله أن "يتوه" هذا الفقيه عقب التلاوة مباشرة حتى لا يأخذ عنوانه مدير الإذاعة ويرمي الناس به، فقد لبى داعي النكتة دون حرج من موقف العزاء:

والعجيب من أمر "البشري" أنه يرسل النكتة تضحك الثكلى، وهو عابس ليس به أثر من الضحك أو المداعبة، فكان مجلسه نادرة من طربه ومرحه، وكان كبراء الناس يتشهون حديثه لما فيه من خفة الروح وحلاوة الدعابة، وروعة النكتة.

النكتة في أدبه:

ولم تكن النكتة لتشيع في حديثه فحسب، ولكنها تنضر أدبه الذي يكتبه أو يلقيه في الإذاعة، أو ينشره في الصحف، وخاصة ما كان ينشره في "المرآة"، فإنه ميدان فسيح لنكاته الأدبية الرائعة، وطالما وضع النكتة مع صورة من يتحدث عنه كأنما هي عنوان الموضوع، كأن يكتب تحت صورة "حافظ رمضان باشا" المتخيلة التي رسم في أعلاها وجه "مصطفى كامل باشا" "ومحمد فريد" "وجه مصطفى كامل"، ووجه فريد كلاهما لازم لوقت الشعل فقط، كما يكتب تحت صورة "إبراهيم وجيه باشا" الذي كان وزيرا للخارجية معروفا بالمبالغة في الأناقة والعناية بالمظهر، على مفوضينا وقناصلنا، في جميع أقطار العالم موافاتنا "تلغرافيا" بآخر "مودة"، وكما يصور المغفور له الأستاذ الأكبر الشيخ "أبا الفضل الجيزاوي"، ويكتب تحت صورته "الحمد لله لم يبق لي إلا مائة ألف جنيه و 5000 سهم بنك عقاري قديم حتى أنقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015