العباسي الأول، وتجلت في أسلوبه كثرة الترادف والآن دواع وتكرار المعنى في كثير من صوره، وفي أسلوبه كثير من السجع، ولكنه مقبول لا يعل سماعه ومن لا يستكره ترديده، على أنه يوافيك بثروة لغوية خصبة ليس لها أثر من التوعر تواتت له من غزارة مادته، وسعة إطلاعه وكثرة ما رواه من البيان العربي وأساليب القدماء، وقد ظهر في أدبه دقة الوصف، وإيفاؤه حقه ولا سيما حين يصف الأشخاص، كما يظهر للمطلع على مقالاته التي كتبه في "المرآة"، وقد تأثر فيها بأساليب الغرب في تحليل الشخصية، والإفاضة في وصف الأشخاص والتسلل إلى مداخلهم النفسية فضلا عن أوصافهم الظاهرية.
وإنه ليروعك من "البشري" تفطنه إلى عادات الناس وأخلاقهم، وشذوذهم وخواصهم البعيدة التي لا يلتفت إليها إلا الذواقون من الأدباء المرهفون حسا، حتى إنه ليعرف الشخص فيرسم له صورة دقيقة منعطفا فيها إلى سماته الخلقية والخلقية بما يعز اكتناهه على أحد، وهو يجرد قلمه الرشيق، فيصور به كل خاطرة تخطر أو حادثة تقع، أو فكرة تملك عليه نفسه.
ولقد أتيح له من مخالطة العظماء، ومصادفة الكبراء وغشيانه كل مجلس وناد واقتحامه ميادين المختلفة من سياسية، واجتماعية أن يلم بمظاهر الحياة فيها، وأن يقف على كثير من صورها.
وكثيرًا ما يتمثل بالشعر العربي الرصين في كتابته حتى ليستفتح بالشعر أحيانا كتابته.
وما من شك في أن أسلوب "البشري" كان متشددا في السجع، واستعمال الكلمات العربية الغريبة، وإن كان ذلك عن طبع منه لا أثر للتكلف والقصد فيه لكنه حينما طلبت إليه الصحف أن يكتب لها، والإذاعة أن يلقي بها أحاديث
للناس ألان حينئذ أسلوبه، وطوع بيانه، وقصد أن يزيد وضوحه