"التعصب بالمعنى المعروف في الغرب عن أهل الشرق, وبعبارة أخرى عند المسيحيين, هو ابتثاث روح العداء والبغضاء من الآخرين ضد الأولين ابثثًا يحمل على الاعتداء عليهم حينًا بعد حين، والتعصب بهذا المعنى رذيلة من الرذائل التي ينهى الدين الإسلاميّ والقوانين الاجتماعية عنها، وفي نظر الأوربيين هو التوحش الذي يفتك بنفوس الأبرياء كُلَّمَا ثار ثائره، وهو أشبه بالقول الكاسر الذي يندفع بعماية فيفترس كل ما في طريقة من نفوس البشر, والتعصب على هذا, مجموع أرواح شريرة, ولا نظام لها في ثوراتها وعدوانها, نعوذ بالله من أن ترزأ أمة بهذا البلاء العظيم، قالوا: إن المصريين متعصبون تعصبًا دينيًّا، ومعنى هذا أنهم يكرهون المخالفين لهم في الدين كراهةً عمياء، ويعتدون عليهم بروح البغضاء المتناهية كلما سنحت لهم فرصة الافتراس, أو استفرزهم صائحٌ في البلاد, من قديم الزمان أديان مختلفة يتجاور أهلوها في المنازل, ويتشاركون في المرافق, ويتناقلون في الأعمال, فلم تكن بين المسلمين والأقباط تلك الروح الشريرة، ولو كانت في فطرة المسلمين, أو فطرة الفرقين لمحت الأكثرية الأقلية.
..أيها المدَّعُون! راقبوا الله في أمة رزئت بالإهمال في شئونها, حتى انحلت عرى الجامعة بين أفرادها, وذهب منه ريح الصعبية في كل شيء, فحرام عليكم مع هذا الانحلال أن تتهموها بالتعصب في أشد حالاته.
ومماكتبه ردًّا على خطبة اللورد كرومر, عميد الدولة البريطانية إذ ذاك, وهي الخطبة التي ألقاها في حفلة وداعه.
تقفو والفلك المحرك دائر ... وتقدرون فتضحك الأقدار
وقف الخطباء مساء السبت الماضي موقف الممثلين في دار التمثيل الكبرى -الأوبرا الخديوية- يحكمون على الماضي والمستقبل حكم الأقدار في الكائنات, يبرمون وينقضون، ويرفعون ويخفضون, والناس يسمعون مختارين أو مكرهين، ولو أن الموقف كان حرًّا لكل قائلٍ لسمعوا ما يكرهون, كما قالوا