ما نوى, ولكل عامل وجهة يقصدها, عليها يكون الجزاء, وليس في عمل العاملين ولاجد المجدين أبرأ ولا أفضل من نصيحة مستنصح, وإرشاد مسترشد, ومادام الكل في حاجة إلى التعاون والمشاركة, فلا غنًى لهم عن تبادل الأفكار، ومعرفة الأخبار مما ينعو إليه صلاح شأنهم, وقوام معيشتهم، والناس رجلان، حاكم ومحكوم, وبينهما مطالب متبادلة, وحقوق متكاتفة, إن سكت عنها مديح المقال أبان عنها لسان الحال, ووظيفة الجرائد الصادقة في البلاد شرح مطالب الفريقين, وترجمة أفكار الهيئتين, و"المؤيد" جريدة وطنية, يقصد أن يكون على هذا المبدأ سفير الخير وبريد المطالب، وكما أنه سيشرح إحساساب الهيئة الحكومة مجتهدًا في إظهار ما بزو إياها من خفايا الحاجات, بين يدي الهيئة الحاكمة, وإن كانت هي أوسع علمًا, وأصدق خبرًا, وأطول باعًا, وأدرى بطبائع الأوقات, وأعرف بمواقع الحاجات, فلذلك يبين للأمة ما يحسن فيه الطلب, وينال به الأدب, ويسمع به النداء, ويقبل عنده الدعاء, ويكون به استجلاب المنافع, ومنه دفع المضارِّ غير ناكث عهد, أو لا خافر ذمة.
وكيف نحن بعض من نطالب بحاجاتهم, ونعمل للحصول على مرضاتهم, ومهما جد سوانا في خدمتنا واجتهد, أو هجرت عينه الغمض, فلا تقوم النافلة مقام الفرض, وليس من المروءة أن نشارك من جاد علينا بخدمة الوطن, وندع نواظرنا لفتور الوسن.
فما الناس إلّا يقظة, فإذا غفت ... عيونهم داستهم حمر الناس
فبالعين يُكْفَى المرء صدمة عاثر ... وفي العين يهوي من ثغا فلما الناس
فلا يسعنا إلّا أن نقوم بهذا الواجب, معترفين لمن سبقنا له من فضل السبق, وأحقية الشكر على ما أدوه من الخدمة الجزيلة في هذه البلاد.
فإليكم يا بني مصر, جريدة نشأت في مهد الإخلاص, حميدة المبدأ والغاية, تناجيكم ولا تسر النجوى لسواكم.
ومما كتبه في المؤيد بعنوان: "لا تعصب في مصر":