قانون المطبوعات ضيّق على الصحف, فأخذت تصور الرأي العام صورةً مشوهةً خوفًا من بطشه, كما جعل الصحف الإسلامية في تناقص, والقبطية في تزايد؛ إذ أغلق ستًا من الأولى, لم ينشأ على أنقاضها إلّا صحيفتان قبطيتان, هما: "الرقيب" و"الإقدام"1.
ذلك هو الجو الخانق الذي تنفست فيه الصحف, وتلك هي الكوارث التي كرثت بها الأقلام التي طالما شرعت رماحًا دينية، لم يطب للمؤيد في هذا الجو جهادًا, ولم يسع لصاحبها فيه حياة, فأصبحت شركةً بينه وبين غيره, واتجهت اتجاهًا جديدًا لا قوة ولا حياة فيه, وتخلى عنها الشيخ: علي يوسف, في سنة 1913, بعد أن أصبح شيخًا للسادة الوفائية, وبيعت أدواتها في 17 أبريل سنة 1916, فأختتمت بذلك تاريخها الحافل, ومجدها العظيم.
مكانة المؤيد وصاحبه:
بلغت المؤيد مكانةً تتقاصر دونها جميع الصحف العربية في عصرها, وانتهت من الشهرة إلى ما عجزت عنه آمال الصحفيين المعاصرين، وبلغ صاحبها منزلةً تتقصف دونها أعناق الرجال, فقد كان يرمى بالأصابع, وتخفق القلوب عند ذكره, أو الحديث عن صحيفته، وقد قالت "الأجبشيان غازيت": قَلَّ أن يوجد بين الصحفيين من يستطيع الوقوف إلى جانب المؤيد, ولا يوجد ذومسكة من العقل لا يضع الشيخ عليًّا يوسف في أعلى طبقة من طبقات رجال الصحافة, فإنه تمكن بالجدِّ والاجتهادِ والمثابرةِ من إيصال جريدته إلى درجة "التيمس" لا في العالم العربيّ فقط, بل في جميع العالم الإسلاميّ2 وكثيرًا ما كانت تسمى: "تيمس الشرق".