وقال في "لندن" كلمته المشهورة: "إن لندرة كعبة المصريين السياسية".

من ذلك الحين تقلص ظل "المؤيد" وخفت صوتها, وانكمش مجدها, وبدأت تفسح الطريق للواء, تخفق في ربوع البلاد, فتخفق معه قلوب, وتهتز به مشاعر وأحساسات.

ومما مَهّدَ لهذه الخاتمة, ما كان لاغتيال "بطرس غالي" رئيس الحكومة في 20 من فبراير سنة 1910 من أثر في التضييق على الصحف وحرية القول, فقد صدر بمقتل هذا الرجل ثلاثة قوانين, كانت حربًا على الصحف وحريتها, وشرعت صحف المسيحيين تفحم المسألة الدينية في سياستها, وتفيض بالعصبية والملاحاة.

نعم, إن هذه المساجلات هيأت ثروةً أدبيةً خصبةً, وأنتج الأدباء والشعراء روائع الأدب وبدائع الشعر في تأييد وجهات النظر المتباينة, كما ترك هذا الخلاف كتبًا عربيةً وإفرنجيةً قيمةً1.

ولكن قانون المطبوعات كانت هزةً عنيفةً أصابت الصحف عامة، وجرائد مصر مهما تباينت مبادئها، واختلفت مذاهبها, تتفق على انتقاد هذا القانون, وتقييد حرية الصحافة به2.

أطلقت الحكومة بوحيٍ من الإنجليز يدها للتنكيل بالصحفيين وتعذيبهم, واتخذت في اضطهادهم ألوانًا شتى بين إنذار وسجن وتعطيل, وقد أصدرت أمرًا بتعطيل "اللواء" صحيفة الحزب الوطني؛ لأنها عينت محررًا مسئولًا دون حصولها على إذن بذلك, وعطلت صحيفة "العلم" مرةً بعد مرةٍ, ثم أمرت بتعطيلها نهائيًّا.

ولم تقو الصحف على احتمال هذه الصدمات, وكان من أثر ذلك أن تنكبت طريقها, وتعثرت في سبيلها, وقد قررت جريدة "الشعب" أن إرهاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015