فهو ثمانية آلاف نسخة, وهي غايةٌ لم تدن منها صحيفةٌ ما, في جميع الأقطار العربية في ذلك الحين.

خاتمة المؤيد:

كانت صحيفة "المؤيد" في طليعة الصحف التي ناهضت الاحتلال, ونفخت في المصريين من روح عزمها وقوة مضائها، وخلال هذا النضال الذي تستمر فيه الأقلام, تَمَّ الاتفاق الودي بين فرنسا وانجلترا, في 8 من إبريل سنة 1904, وكان هذا الاتفاق صدمةً عنيفةً للمصريين, فقد نصّت المادة الأولى منه على أن انجلترا ليس في نيتها تغيير الحالة السياسية لمصر, والتزمت الحكومة الفرنسية من جانبها بأن لا تعرقل عمل انجلترا في هذه البلاد؛ وإذ ذاك بدأت صفحة جديدة في تاريخ الحياة المصرية, ودَبَّ اليأس إلى كثير من النفوس, وكان هذا الاتفاق عاملًا من العوامل الأساسية في تغيير الاتجاهات الصحفية, وتنكب أصحاب الأقلام عن سياستهم الأولى, لقد كانت نتيجة هذا الاتفاق فتور السماحة الوطنية في نفوس الكثيرين, وفترت معها شدة معظم الصحف الوطنية1.

فتلك هي" الأهرام" تلتزم جانب الحيادة ولو إلى حين، وهذه هي "المؤيد" يلين أسلوبها, وتخف حدتها, ويهدأ تيارها، فترت الصحف الوطنية خلا "اللواء" التي كان مصطفى كامل يصدرها, فقد ظلت مشبوبة الروح, ثائرة الفكر, فياضة الحماسة.

ولم تكن اللواء في مستَهَلِّ ظهورها؛ لتنال من مكانة "المؤيد" الراسخة المؤثلة, ولكن صاحب "المؤيد" التوى طريقه, وجنح إلى السلم قلمه, واستطاع الاحتلال أن يعطفه إلى جانبه, واحتفل الإنجليز بمقدمه يوم أن زار بلادهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015