ومما قام في طريق "المؤيد" من عقباتٍ أن استدعي المرحوم حسن باشا حسني, من الأستانة لينشأ صحيفةً تقوم مقام "المؤيد" لدى الرأي العام, كي يتقلص بها ظل "المؤيد" وتفقد رواجها وشهرتها، وقد حضر حسن باشا حسني إلى مصر, وأنشأ صحيفة "النيل" تلبيةً لهذه الرغبة, ولكنها لم تنل من "المؤيد" ولم تقف بجانبها, وظلت "المؤيد" على مكانتها, صحيفة العالم الإسلاميّ التي يتطلع الناس إليها أعناقهم, ويمدون إليها أنظارهم.
وقد حدث أن اتهم صاحب "المؤيد" بسرقة رسالة برقية, بعث بها "السردار" إلى ناظر الحربية, ونشرها "المؤيد" بحروفها, صبيحة ورودها, فلما عرض الأمر على القضاء أبرأ ساحته, وقامت على أثر براءته مظاهرات وطنية تهتف لصاحب "المؤيد" الذي حمله الجمهور على الأعناق, وتوافد عليه من الرسائل البرقية ما يكاد يبلغ الألفين1.
تلك الحواجز التي قامت في طريق "المؤيد" لم تعثر خطاها, بل زادتها قوةً وإجفالًا, وبحسبك أن تقف على أطوار النمو للمؤيد؛ لتعلم أنها كانت مطردة القوة والحياة, فقد كان عدد النسخ التي تطبع منها في السنة الأولى, كل يومٍ لا يزيد عن 800 نسخة, وبلغ في السنة الثانية 1200, وفي السنة الثالثة 2000 نسخة, وظل على ذلك في الرابعة والخامسة, وفي السنة السادسة بلغ ما يطبع منها 2800 نسخة, وفي السابعة 4000 نسخة, وكان كذلك حتى شهر أغسطس سنة 1896م, وما انتهت القضية حتى كان متوسط ما يطبع منها في اليوم ستة آلاف نسخة, وأمّا ما كان يطبع منها في أثناء مرافعات القضية فإنه بلغ عشرة آلاف نسخة, كما بلغ مثل ذلك أيام حرب الدولة، وفي كثير من الأيام كان ما يطبع منها يتجاوز هذا الكم بألفٍ أو ألفي نسخة، وأما المتوسط الذي انتهى إليه ما يطبع كل يومٍ من "المؤيد" إلى آخر ديسمبر سنة 1897م