"اللهم صلي على محمد المصطفى، وعلى عليٍّ المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول، الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرًا, اللهم وصل على الأئمة الطاهرين, آباء أمير المؤمنين".
وفي يوم الجمعة ثامن عشر ربيع الآخر سنة 359 صلى القائد بجامع ابن طولون بعسكر كثير، وخطب عبد السميع بن عمر العباسيّ الخطيب, وذكر أهل البيت وفضائلهم -رضي الله عنهم, ودعا للقائد, وجهر بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم, وقرأ سورة الجمعة والمنافقين في الصلاة, وأذَّن بحي على خير العمل, وهو أول من أذن به بمصر, ثم أذِّن به في سائر المساجد, وقنت الخطيب في صلاة الجمعة.
وفي جمادى الأولى من السنة, أذنوا في جامع مصر العتيق, بحيَّ على خير العمل, وسر القائد جوهر بذلك, وكتب إلى المعز وبشَّرَه، ولما دعا الخطيب على المنبر للقائد جوهر أنكر عليه, وقال: ليس هذا رسم موالينا1.
وعلى الرغم من كل ما فعله جوهر, أغضى المعز عنه, وعزله عن دواوين مصر وجباية أموالها, والنظر في سائر أمورها2 سماعًا للوشاية, أو خوفًا من نفوذه وسلطانه.
وحين خلف المعز ابنه -العزيز بالله أبو منصور نزار- عاد جوهر إلى مكانته في الدولة, وأصبح مؤيدًا بثقة العزيز وعطفه.
وكان جوهر من أعلام الدولة الفاطمية ومؤسس مجدها، وقد منح من عظيم الخلال وكريم المواهب ما سما به إلى أرفع مكان، وكان على ذكاءٍ وشجاعةٍ, ومضاء عزمٍ, ونقاء سيرةٍ, وميل إلى الخير, وإيثار للعدل.
وإذ بلغ الثمانين فاضت روحه إلى بارئها، واحتفل بتشييعه في رعة