كَانَ ببلدنا هَمدَان رجل مَسْتُور فَأحب القَاضِي قبُول قَوْله فَسَأَلَ عَنهُ فزكى لَهُ سرا وجهراً فراسله فِي حُضُور الْمجْلس ليقبل قَوْله وَأمر بِأخذ خطه فِي كتب ليحضر فيقيم الشَّهَادَة فِيهَا وَجلسَ القَاضِي وَحضر الرجل مَعَ الشُّهُود فَلَمَّا أَرَادَ إِقَامَة الشَّهَادَة لم يقبله القَاضِي فَسئلَ القَاضِي عَن سَبَب ذَلِك فَقَالَ انْكَشَفَ لي أَنه مراء فَلم يسعني قبُول قَوْله فَقيل لَهُ وَكَيف قَالَ كَانَ يدْخل إِلَيّ فِي كل يَوْم فاعد خطواته من حَيْثُ تقع عَيْني عَلَيْهِ من دَاري إِلَى مجلسي فَلَمَّا دَعوته الْيَوْم للشَّهَادَة جَاءَ فعددت خطاه من ذَلِك الْمَكَان فَإِذا هِيَ قد زَادَت خطوتين أَو ثَلَاثًا فَعلمت أَنه متصنع فَلم أقبله
قَالَ أَبُو بكر الصولي حَدثنَا أَبُو العيناء قَالَ كَانَ الأفشين يحْسد أَبَا دلف ويبغضه للفروسية والشجاعة فاحتال عَلَيْهِ حَتَّى شهد عَلَيْهِ عِنْده بخيانة وَقتل فأحضر السياف فَبلغ ابْن أبي دَاوُد فَركب مَعَ من حضر من عدوله فَدخل على الأفشين ثمَّ قَالَ أَنِّي رَسُول أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَيْك وَقد أَمرك أَن لَا تحدث فِي الْقَاسِم بن عِيسَى حَدثا حَتَّى تحمله إِلَيْهِ مُسلما ثمَّ الْتفت إِلَى الْعُدُول فَقَالَ اشْهَدُوا أَنِّي قد أدّيت الرسَالَة عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَيْهِ فَلم يقدم الأفشين عَلَيْهِ وَسَار ابْن أبي دَاوُد إِلَى المعتصم فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لقد أدّيت عَنْك رِسَالَة لم تقلها لي مَا أَعْتَد بِعَمَل خير خير مِنْهَا وَإِنِّي لأرجو لَك الْجنَّة بهَا ثمَّ أخبرهُ الْخَبَر فصوب رَأْيه وَوجه من أحضر الْقَاسِم فَأَطْلقهُ ووهب لَهُ وعنف الأفشين فِيمَا عزم عَلَيْهِ قَالَ ابْن قُتَيْبَة شهد الفرزدق عِنْد بعض الْقُضَاة فَقَالَ قد أجزنا شَهَادَة أبي فراس وزيدونا فَقيل لَهُ حِين انْصَرف وَالله مَا أجَاز شهادتك تقدم رجلَانِ إِلَى أبي ضَمْضَم القَاضِي فَادّعى أَحدهمَا على الآخر طنبوراً وَأنكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي لي بَيِّنَة فجَاء برجلَيْن فشهدا فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَيهَا القَاضِي سلهما عَن صناعتهما فَقَالَ أَحدهمَا